محمد الشريجة
إن الأحداث الكارثية والمتتالية على الساحة الاقتصادية أثرت وبشكل مباشر في كل هذا الكون، فلم يسلم منها مزارع في الهند ولا مدير شركة عالمية في نيويورك.
وهذا الأمر يستوجب على أبناء الدول الخليجية الحذر وعدم ترديد مقولة «نحن بأمان» والتي لا يكثر الساسة في دولنا من ترديدها بشكل يدعو إلى الشك في صدق النوايا وصدق المحتوى.
فالنفط، السلعة الرئيسية التي خصنا الله عز وجل بها، تتهاوى أسعاره بشكل لافت للنظر، وهو السلعة الوحيدة التي نملكها.
وذلك يدعونا إلى نظرية تقليص الإنفاق على المستويين الفردي والقومي.
ودائما يجب علينا التذكر أن دوام الحال من المحال. فالكل مدعو إلى الاقتصاد في الإنفاق وتقليص الاحتياجات إلى الحد الذي تستحقه الأزمة الاقتصادية التي سيدخل معها الاقتصاد العالمي في غيبوبة لا تقل عن عشر سنوات عجاف.
وقد يسأل سائل كيف يمكن أن تتأثر اقتصادات دول الخليج بما يحدث.
فأجيب بشكل مباشر ومنطقي أن الكساد يعني ببساطة انخفاضا في القوة الشرائية التي يستوجب معها تقليص الإنتاج وتسريح القوة العاملة.
ونتيجة لهذه الأحداث الدرامية يتقلص الطلب على النفط وبمنطقية فإن انخفاض الطلب ينتج عنه انخفاض في الأسعار وهبوط حاد في الاستهلاك، أي اننا مدعوون للتفكير وتذكر الأحداث التي حدثت في الأعوام من 1986 إلى 1990 وكذلك الأعوام من 1996 إلى 1998 وكيف أن حكومتنا جمدت كل المشاريع الإنشائية وأطلقت تحذيرات جدية عن إمكانية التعثر في دفع الرواتب في حالة استمرار أسعار النفط بمستواها السابق (وقتها كان أقل من 10 دولارات).
ماذا يجب أن نفهم من كل هذا الحديث؟
أولا: ان المنطقة إذا دخلت في موت سريري للاقتصاد فإننا مقبلون على تحولات بالخرائط الجغرافية قبل السياسية.
ثانيا: ان العودة إلى نظرية شد الحزام يجب أن تبدأ الآن «قبل وقوع الفاس بالراس».
ثالثا: اننا وفي حالة انهار الاقتصاد العالمي لسنا بمنأى عن تأثيرات هذا الحدث.
رابعا: وهو ما أتوقعه بشكل تحليلي في حالة استمرت الأوضاع في انحدارها أن دولا عربية وخليجية على وجه الخصوص ستضطرب فيها الأوضاع الداخلية وسنرى تغيرات في بعض الأنظمة المستبدة والتي لا تكترث للشعوب وقوتها الحقيقية في حالة استمر الضغط الاقتصادي.
وأخيرا هذه دعوة للتأمل في أبعاد الأزمة بشكل حقيقي، والذي يتطلب منا الحذر الشديد والتدقيق بوضعنا الاقتصادي.
فمثلا إذا علمنا أن كل الدول الخليجية تستثمر أموالا طائلة في اقتصادات الدول المتقدمة وخصوصا في قطاعي الإنتاج والبنوك، وهما أول الضحايا لهذه الأزمة الكارثية، فماذا نتوقع أن تجلب لنا هذه الاستثمارات؟ سأترك ذلك لفطنة القارئ.