قبل نحو سبعمائة عام كتب العالم ابن خلدون في مقدمته الرائعة وكأنه يخاطب عالمنا العربي، وللأسف لم نستفد مما كتب إلا أننا أخذنا ما كتبه مادة للسخرية.
قال ابن خلدون في مقدمته: «عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والمدعون والكتبة والكذابون والمغنون والنشاز والشعراء المنافقون الصعاليك وضاربو المندل وقارعو الطبول وأدعياء المعرفة وقارئو الكف والطالع والنازل والانتهازيون، ويضيع التقدير ويسوء التدبير، ويختلط الصدق بالكذب عندها تكثر الجباية، وتشرف الدول على النهاية فعندما تنهار الدول يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف وتظهر العجائب وتعم الإشاعة ويتحول الصديق إلى عدو ويعلو صوت الباطل ويبطل صوت الحق وتظهر على السطح وجوه مريبة وتختفي المؤنسة وتتوقف الأحلام ويموت الأمل وتزداد غربة العاقل ويصبح الانتماء إلى الأوطان ضربا من الهذيان والجنون ويضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء والمزايدات.
ويتبادل أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة وتسري الشائعات عن هروب كبير وتكثر النصائح ويتحول الوطن إلى مشروع رحيل ومهاجرين ومحطة سفر وإلى حقائب، والبيوت إلى ذكريات وقصص، ولنا في أسماء هذه الدول عبرة مثل العراق وليبيا وتونس واليمن وسورية وغيرها».
فهل كان ابن خلدون يتجسس علينا وعلى العالم قبل مئات السنين ويعلم ما سيلمّ بنا وبعالمنا العربي؟ علينا دائما وضع التجارب السيئة للآخرين أمام أعيننا لنتعظ ونتدبر ونعلم أن الخراب لا يجر إلا خرابا والسوء لا ينتج منه إلا السوء وضياع الحكمة مفسدة.
في هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها العالم علينا جميعا الالتفاف حول قيادتنا السياسية والحرص على وحدتنا الوطنية والخوف على وطننا وحمايته بوحدتنا.
اللهم احفظ الكويت وأهلها وقيادتها من كل مكر ومكروه.