بعد أن هدأ غبار معركة استجواب وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب السابق الشيخ سلمان الحمود، أصبح من اللازم أن نقدم قراءة هادئة حول الاستجواب لأهميته السياسية، فالتاريخ السياسي الكويتي يؤكد أن لكل استجواب ظروفه ومسبباته وأجواءه السياسية، ومن المهم أن تستوعب كل الأطراف السياسية بما فيها القوى السياسية والمعارضة النيابية والحكومة ما لها وما عليها.
لقد جاء الاستجواب حول قضية مستحقة تهم شريحة كبيرة في الشارع الكويتي وتتمثل بقضية الرياضة، حيث الشباب الأول المعني بها، فالرياضة الكويتية أرهقت بفعل الصراع السياسي، ولهذا نأمل أن هذا الاستجواب والإجراءات التي ستتخذ ما بعد الاستجواب تضع الرياضة الكويتية بمنأى عن يد السياسيين والمتنفذين سواء كانوا من الحكومة أو طبقة التجار حتى تتمكن الرياضة الكويتية من تحقيق نهضتها الحقيقية.
بالرغم من أهمية محور الرياضة والذي استغرق معظم وقت المستجوبين إلا أن محور الإعلام كان الفيصل في سرعة الإطاحة بالوزير وتسابق النواب على إعلان مواقفهم في التأييد بطرح الثقة بالوزير المستجوب، وباعتقادي أن أساس هذا المحور يعود لأسئلة برلمانية كان قد تقدم بها النائب راكان النصف في المجلس السابق، إلا أن النائب آثر عدم الذهاب لاستجواب الوزير، وباعتقادي أن أهم ما يجب أن تعيه الحكومة هو معالجة الأزمات وعدم السعي إلى ترحيلها، وأن التحجج بعدم دستورية المحاور والمساءلة حول أعمال حكومة سابقة هي في الواقع العملي نصوص سقطت بفعل ممارسة الواقع السياسي، فكثيرا من الاستجوابات التي قامت على أعمال سابقة، لكن يصعب تجاهلها لضخامة الأزمة وكارثية القضية وهذا ما حصل في محاور الإعلام وما شابها من تجاوزات مالية وإدارية وأخلاقية لاسيما تلك المتعلقة بأعمال المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
أما المظهر الثاني المهم الذي صاحب الاستجواب فهو أهمية التصريحات التي أطلقها النواب لاسيما خلال الأيام القلائل التي سبقت الاستجواب حيث أكدوا أن مصير الاستجواب سيكون بيد الوزير مما يعني أن الوزير كان لابد أن يسعى إلى ضبط النفس والتحكم في الانفعالات، إلا أن ذلك لم يحدث فقد نجح النواب في الاستفزاز السياسي للوزير مما جعل لغة التصعيد السائدة خلال المرافعات، وتلك حقيقة مهمة لابد أن يتحلى بها كل المتعاطين للشأن السياسي وهي القدرة على تفريغ العمل السياسي من الشحن العاطفي وتهدئة الانفعالات وضبط النفس والتي تمكن الفرد من التحكم في دفة القيادة.
مما لا شك فيه أن استجواب وزير الإعلام يعتبر هدفا في مرمى الحكومة لصالح الأغلبية النيابية، لكن يبقى السؤال الأهم ماذا بعد الاستجواب، وكيف سيسعى النواب لمساندة الكويت في رفع الإيقاف والذي أصبح حلم الشريحة العريضة من المجتمع الكويتي لاسيما شريحة الشباب، كما أن النواب لابد ان يتمكنوا من وضع آلية لمعالجة ما ورد من مخالفات مالية وإدارية وأن يسعوا لإعادة الحقوق لأصحابها من موظفي الإعلام الذين هضمت حقوقهم طوال الفترة الماضية.
المحاسبة لا تقف على الاستجواب بل تستمر لمرحلة ما بعد الاستجواب، وفي ظل التصعيد السياسي الحالي حول أزمة وزير الصحة، نأمل ألا تضيع معالجة تلك الأزمات في خضم الصراع السياسي، فالجميع لا يزال ينتظر الجديد على مسرح الرياضة والإعلام.