مع اضطراب اسعار النفط وتنوع المؤثرات التي هزت قطاع الأعمال بالخليج ومنها الكويت، لم تكن مهمة استطلاع رأي أرباب الأعمال لصالح جهة دولية مثل البنك الدولي ـ وعلى مراحل متعددة مقارنة ـ بالأمر السهل، فهذه البيئات المضطربة يمكن أن أطلق عليها تعبير «البيئة مسمومة لقياس الآراء» لكثرة تقلبها وتذبذبها كما شهدنا في السنوات الثلاث الماضية.
كان علينا أن نحقق عدة أهداف وأن نجيب عن عدة اسئلة محورية في مشروع الثقة في بيئة الأعمال بالكويت Business Confidence Index منها: مستوى التفاؤل لدى اصحاب العمل وتوقعاتهم للإيراد والربح وحجم التوظيف، وكيف يرون الجهات والأطراف المعنية بعملهم، وما هي أكثر المعوقات التي تواجههم؟، بالإضافة لكيفية تعاملهم مع مصادر المعلومات والاعلام التقليدي والجديد، وغيرها مما تشرفت بعرض أبرز نتائجه العامة أمس في أول أيام المؤتمر الدولي حول الابتكار والتنوع الاقتصادي الذي تنظمه الجامعة العربية المفتوحة بالكويت.
استندت نتائج مركز الآراء الخليجية على استطلاعيين لآراء عينة ممثلة عن اصحاب العمل على مرحلتين خلال الفترة الممتدة من مايو الى أكتوبر 2017، ولم تقل العينة عن 600 مؤسسة تجارية في كل مرحلة تم اختيارها بطريقة عشوائية منتظمة ممثلة من بين آلاف المؤسسات والشركات الواردة في قواعد بيانات وزارة التجارة بعد اكتشاف واستبعاد العدد الكبير من شركات وهمية أو شبه وهمية وبيانات غير دقيقة.
تبين لنا من خلال النظرة العامة على آراء من تم استطلاعهم أن ثمة تفاؤلا عاما بتحسن بيئة الأعمال برغم الصعوبات والتحديات والمؤثرات السلبية، والتي تتمثل أكثرها لديهم في انخفاض أسعار النفط والتضخم ومعدل الأجور، في حين كان أقلها الضرائب. وفيما يتعلق بالمعيقات فقد كانت من أكبرها الاجراءات الرسمية والتسجيل ثم الحصول على التمويل ومن ثم ممارسات المنافسين غير الرسميين.
وحينما طلبنا من المستطلعين بيان مدى تفضيلهم للجهات الرسمية التي يتعاملون معها مثل غرفة التجارة ووزارة المالية ومركز الكويت للأعمال وبنك الكويت الصناعي وغيرها تبين لنا وجود ميل لتفضيل هذه الجهات عند من يعرفها من المدراء وأصحاب الأعمال.
وكما هو معلوم فثمة مبادرات إصلاحية اقتصادية تنفذ في الكويت وكان لابد من السؤال عن مدى تأييدها، فكانت مبادرة تأسيس المبنى الواحد لإتمام كل المعاملات وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة أكثرها تأييدا ثم توزيع الأراضي والمساحات لمكاتب المشاريع الصغيرة والخدمات الاستشارية الممنوحة لها وغيرها من المبادرات التي حازت على تأييد عام لها.
وكان من النتائج التي تكررت أن جهات العمل الكبرى أكثر رسوخا وأقل قلقا من جهات العمل الصغرى والمتوسطة، فهي الأكثر استثمارا وتوظيفا وتفاؤلا من بين جهات العمل، وهو ما ينبغي الالتفات اليه لمعرفة الطرق المثلى لحماية هذه المشاريع والمؤسسات في أزمات تعصف ببيئة الاعمال.
وفي سعينا لمعرفة المصادر الإعلامية التي يتعامل معها اصحاب الأعمال وتعاملهم مع الإعلام التقليدي والحديث فقد سألنا عمن لديهم حسابات رسمية على الفيسبوك، فتبين أن واحدا من ثلاثة أعمال بالكويت لديهم حساب ما بين فاعل وغير فاعل، وحين سألناهم عن أكثر الصحف اليومية الورقية التي يعتمدون عليها لمتابعة أخبار التجارة والإعمال جاءت صحيفة الراي أولا ثم الأنباء ثانيا تلتهما القبس والجريدة، ومن ثم باقي الصحف في قائمة أفضل الصحف قراءة لدى رجال الأعمال.
ان فهم وقياس بيئة الاعمال في الكويت من وجهة نظر أصحاب العمل أنفسهم ـ كمثل مشروع الثقة في بيئة الاعمال ـ يعد خطوة أساسية لا ينبغي الاستهانة بها، ونتمنى استمرارها لتقدم نتائج مقارنة على المدى الطويل لتطوير القطاع الخاص وحماية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وادماج هذه الفئات في عجلة تطوير القطاع والتنمية على حد سواء.