أعتقد أن بعض الفتن الأخيرة التي حصلت في الكويت أثبتت لي ما استنتجته منذ سنوات بأن أفراد الشعب الكويتي، بجميع فئاته، كلهم قبليون، ولن أقول بدوا، فهناك فرق شاسع بين البدوي والقبلي، على الأقل في الوقت الحالي وفي اللهجة الكويتية تحديدا، وأتمنى من القارئ أن ينتبه لما أقول حتى لا يساء فهم مقصدي. فبالرغم من أن أصل الكلمة يأتي من «قبيلة» وهي صفة تميز بها البدو، إلا أن تعريف القبلي حاليا وباللهجة الكويتية تحديدا هو من ينتصر لقبيلته أو عائلته أو طائفته، سواء كانت على حق أو باطل.
القبلي هو من يشتاط غضبا ممن يتعرض لقبيلته أو عائلته أو طائفته ولو بأسلوب الاتهام غير المباشر.. القبلي، ومرة أخرى ليس البدوي، هو من يأخذ حقه، أو باطله في بعض الأحيان، بيديه، فلا قانون أو تمدن أو دين يقف أمامه، ولعل مقولة أتباع مسيلمة الكذاب ممن عرفوا بطلان دعوته بأن «كذاب ربيعة أحب إليهم من صادق مضر» (يعنون به النبي القرشي الكريم)، هي خير دليل. فهذه هي القبلية المكروهة والمنبوذة، ولا يشترط أن يكون الشخص بدويا حتى يكون قبليا، بل على العكس، فالقبلية مثل الفئوية والطائفية والعنصرية، مجرد صفة تضاف إلى أفعال وأقوال الشخص لا إلى أصله أو لهجته أو طريقة ملبسه.
ويجب أن نفرق بين أصل الكلمة «القبيلة» التي هي أمر محمود، وبين الصفة المنبوذة، ولنا في الطائفية مثال، فالطائفة الدينية أمر محمود، ولكن صفة الطائفية ليست بصفة محمودة، على الأقل في الوقت الحالي وفي اللهجة الكويتية تحديدا.
الحوادث الأخيرة أثبتت لي أن القبلية موجودة في نفس كل كويتي، وقد يختلف مقدار هذه القبلية من شخص إلى شخص إلا أنها موجودة كوجود العنصرية والغرور والتكبر في نفس كل إنسان على وجه الأرض، فعندما ينتقد شخص ما مسؤولا من عائلة معينة تجد كل أفراد العائلة يقفون مع المسؤول ضد المنتقد، عندما ينتقد شخص ما ناشطا سياسيا تجد كل أفراد تياره وتجمعه السياسي يهاجمون المنتقد. عندما ينتقد شخص ما نائبا من طائفة معاكسة له تجد كل طائفته تهاجم المنتقد وتصفه بالطائفي، وإذا كان النائب من قبيلة فتجد كل القبيلة ضد المنتقد ويصفونه بالعنصري، فهل توقفنا وتمعنا التفكير في الانتقاد الموجه؟ قد يكون الانتقاد من مصلحة المسؤول أو الناشط أو النائب، فلماذا تأخذنا العزة بالإثم؟ أليست ردود الأفعال التهجمية هذه هي صفات القبلية التي ننتقدها كافة؟!
ولماذا نجعل الانتقاد وإن كان في غير محله وإن كان غير مدعوم بأدلة وبراهين، لماذا نجعله هجوما على العائلة أو الطائفة أو القبلية كافة؟ لماذا لا نجعله هجوما على ذات الشخص، فبرغم أن التهجم الشخصاني أمر سيئ إلا أنه أقل درجة في الفتنة من وصف هجوم المنتقد بأنه تعرض لطائفة بأكملها أو تعرض لقبيلة بأكملها أو تعرض لعائلة بأكملها. والله ولي التوفيق.
نبارك للدكتور عبدالرزاق النفيسي تعيينه مديرا عاما للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب خلفا للدكتور يعقوب الرفاعي، ونتمنى منه أن يكمل ما بدأه د.الرفاعي في تحسين أوضاع زملائه في المستقبل، الطلبة المتزوجين المبتعثين في الخارج، فرغم إقرار صرف الزيادة لمرافق وأبناء المبتعث إلا أنه لم يتم صرفها حتى يوم كتابة المقال.
[email protected]