نظم بعض الشباب المتحمس تظاهرة سلمية في ساحة الصفاة يوم الجمعة أطلقوا عليها «جمعة الدستور» ومنها انطلقوا إلى مبنى مجلس الوزراء ثم مجلس الأمة مطالبين برحيل سمو رئيس مجلس الوزراء. وكأي حدث سياسي في الكويت هناك من يؤيد ومن يعارض هذا الفعل، ومقالي هذا ليس معنيا بهدف التجمع، فما يهمني هو حق «التظاهر السلمي» الذي أكده الدستور بكل صراحة، فلو نظرنا لهذه التظاهرة بالذات، فسنجد أن الهدف منها قد يكون خاطئا وغير موفق، أو قد يكون توقيتها في غير محله، ولكن هل كان لهؤلاء الشباب الحق في التظاهر؟ بالطبع كان لهم ولغيرهم الحق في التظاهر والتجمع السلمي لإبداء رأيهم وإيصال رسالتهم. وسواء أيدتهم أو عارضتهم، لا يحق لك سلبهم هذا الحق. فمن يرد التجمع السلمي لعقد ندوة حول موضوع سياسي فله الحق. ومن يرد التجمع لتأييد ثورة أو حتى تأييد نظام حكم ضد ثورة، فله الحق في ذلك سواء اتفقنا أو اختلفنا معهم أو اعتبرنا فعله تدخلا في شؤون الآخرين.
ما يحزنني في مثل هذه المواقف هو غضب بعض الكويتيين على هذه أو تلك المظاهرة، فتجدهم يقولون: «لماذا لا توقفهم الحكومة عند حدهم؟»، فعجبا من شعب يتنازل عن حريته طواعية بل يقدمها على طبق من ذهب، بينما باقي الشعوب العربية تدفع الدم والنفس لمزيد من الحريات. كفاكم تناقضا مع أنفسكم وعليكم أن تقرروا هل تريدون الحرية؟ هل تريدون دستورا وقوانين تحكم البلد؟ إذا أردتم الحرية فلا تضجروا إذا خرج من يطالب بأمور تعارضونها، لا تنزعجوا إذا خرج من يؤيد سمو الرئيس أو من يطالب برحيله. لا تتباكوا على أمن البلد لأن أقل من ألف شخص تجمع في ساحة واسعة، وكأن الشوارع ستتوقف والمستشفيات ستمتلئ بالضحايا، والمباني ستهدم، والحياة ستعطل. أتت التظاهرة ورحلت، وستأتي غيرها وترحل. اتركوا من يريد التظاهر ليقول ما يريد، فسيأتي يوم تريد أن تخرج أنت لتتظاهر بحقوقك وستجد من سيمنعك، وساعتها لن تفيدك مقولة «قتلت يوم قتل الثور الأبيض». والله ولي التوفيق.
[email protected]