بناء الثقة هي القاعدة التي تنطلق منها المجتمعات في تنميتها وتطويرها وتقدمها، فأي مجتمع يفقد أفراده الثقة في أنفسهم يعني سقوطهم في الهاوية وعدم قدرتهم على الإنجاز، ولقد أصبح موضوع بناء قاعدة من الثقة لدى الأفراد منهجا علميا يدرس في المدارس والجامعات والدورات التدريبية، ومن الأسئلة التي دائما تخطر على بالي، هل فقد المجتمع الكويتي ثقته بنفسه؟ هل من أسباب تأخرنا عن التنمية والتطور هو فقداننا هذا العامل المهم؟ لماذا أصبحنا نسمع كلمات مثل ديرة بطيخ؟ ويذهب أولادنا إلى مجلس الأمة ليوزعون البطيخ على أعضاء مجلس الأمة والوزراء؟ لماذا أصبحنا نسمع كلمات مثل: ماكو فايدة، وعمرنا ما نتصلح...الخ.
وهذا ما دعاني إلى كتابة هذه المقالة المهمة، فالثقة بالنفس هي شعور الفرد بقدرته على الإنجاز وتحقيق النتائج بما حباه الله من تعليم وخبرات وثقافة، ووجودها يعني الاتزان والقدرة على اكتساب الخبرات الحياتية، وتعلم المهارات والإبداع، ووضوح الرؤية، والقدرة على التعامل مع الآخرين وكسبهم، وتوصيل مبادئك وأفكارك، كما تعطينا التميز والتنافس على المقاعد الأولى في المسابقات وغيرها من التنافس الاقتصادي والاجتماعي والقدرة على تحقيق الأرقام المتفوقة والمتميزة في جميع وشتى مجالات الحياة، كما إن الثقة بالنفس تنشلك من براثن العجز والسلبية والهزيمة النفسية.
أدوات الثقة في النفس:
ـ الإيمان بالله والاستعانة به:
من أهم أدوات الثقة في النفس والتي يوفرها لنا ديننا الإسلامي العظيم بقول الله تعالى (ان تنصروا الله ينصركم)، (من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)، يقول مونتغري في كتابه الحرب عبر التاريخ «أهم مميزات الجيوش الإسلامية لم تكن في المعدات أو التسليح أو التنظيم، بل كانت الروح المعنوية العالية» وعندما سأل هرقل قائدي جيشه بعد هزيمة معركة اليرموك والتي كانت جميع المؤشرات في صالح الروم من عدد وعدة وذخيرة قتالية لماذا انهزمتم ألم تكونوا أكثر منهم وأكثر تسليحا، فرد عليه القادة: هم يصلون ونحن لا نصلي، هم يصدقون ونحن نكذب، هم لا يشربون الخمر ونحن نشرب الخمر..، ولقد ضرب الصحابة أروع الأمثلة في ثقتهم بأنفسهم عندما نشروا هذا الدين في شتى أنحاء الأرض.
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا
ـ ابدأ والهدف واضح في ذهنك:
قدرتنا على التخطيط وبناء الأهداف يحددان مدى نجاحنا أم لا، فجميع الدراسات المعاصرة تدل على أن أهم أسباب النجاح لكثير من قادة عصرنا وغيرهم، قدرتهم على إدارة ذواتهم ووضعهم لأهداف واضحة لعملهم ولحياتهم، فقدرتك على بناء الخطط والأهداف تحدد مدى نجاحك وقصص التخطيط في القرآن كثيرة منها قصة يوسف عليه السلام، وأيضا هناك قصص لخطط وإستراتيجيات رائعة نفذت في وقتنا المعاصر، مثل إستراتيجية 2020 لماليزيا.
ـ ضع خطة وظيفية career planning:
هذه الخطة من شأنها أن تحقق الشيء الذي تحب أن تعمله، وتعزز من قدراتك المهنية، وهذه من شأنها أن تعطيك الثقة الكاملة في العمل والنفس، وأعتقد أنه آن الأوان أن ندرّس أولادنا في الجامعات كيف يخططون لحياتهم الوظيفية، وآن الأوان أن ننشأ وحدات للتخطيط الوظيفي في جميع مؤسسات الدولة.
ـ ضع لنفسك إيرادا ماليا تعيش به بسعادة:
ينسى الكثير في خضم العمل اليومي والعلاقات الاجتماعية العميقة والمكثفة في المجتمع الكويتي والاتجاه للسلوك الإسرافي والتبذير أن يضع الفرد لنفسه إيرادا ماليا يحقق به أحلامه ويعيش به بسعادة.
فقد ورد في الحديث الصحيح أن سعد بن أبي وقاص وهو مريض في فراشه يتوقع الموت قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «أتصدق بكل مالي؟، قال: لا، قال: أتصدق بنصف مالي؟، قال: لا، قال: أتصدق بثلث مالي؟، قال صلى الله عليه وسلم: الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر أهلك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس»، ولقد كان أغلب الصحابة يعملون لكسب عيشهم وجزء كبير من الـ 10 المبشرين بالجنة كانوا يعملون في التجارة.
فيجب علينا التوفير وبناء الخطط الاستثمارية والبعد عن السلوك الإسرافي والتبذيري، من أجل أن نبني قاعدة مالية تساعدنا على السعادة في هذه الحياة والثقة بالنفس.
ـ عش متفائلا: التفاؤل قاعدة أساسية في ديننا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، وعندما جاء سهيل بن عمرو موفدا عن الكفار، تفاءل النبي صلى الله عليه وسلم باسمه وقال: سهل أمركم.
عش حياتك بما فيها ولا تخف من ساكنيها
ولا تستسلم وتيأس وتنهزم وكن أنت البطل فيها
وقال الشاعر:
إن كان الناس ذئبا
كن أنت الأسد فيها
وإن كانت حربا
عليك أن تكون حاميها
وإن كانت سلما
فكن أنت باديها
فلو كانت الكرامة أو المعرفة
فمت مرفوع الرأس فيها
ولا تنظر إلى الأمس بحسرة
بل قل غدا سأكون إليها
فالحياة مهما كانت مرة
ستجد فيها ما يحليها
ويجعلك تبتسم ويجعل
الأمل طريقا لك فيها
[email protected]