بداية لابد أن نذكر أننا ضد الإرهاب وقتل المدنيين من أجل تحقيق أهداف سياسية، فهذا مناقض للإسلام وتعاليمه وللجوانب الإنسانية، وما حدث من قتل للابرياء في الولايات المتحدة الدولة الحليفة لنا نحن ضده جملة وتفصيلا.
ولكن من باب «صديقك من صدَقك لا من صدَّقك».. فإن قتل بن لادن لن يوقف الإرهاب، إذ لابد من القضاء على أصل المشكلة التي تتمثل في أن العالم الإسلامي على مدى قرون كان هو مصدر الثروات في العالم ويتمتع بموارد طبيعية لا حدود لها بالإضافة إلى الموقع الجغرافي المتميز والآثار من الحضارات الإنسانية على مدى الدهر، ولكن العالم الإسلامي بعد ضعفه وقيام الاستعمار الأوروبي والغربي باحتلاله وجعله مصدرا للثروات الطبيعية لهذه الدول ومص جميع ثرواته بصورة غير إنسانية وبشعة وتركه للتخلف وعدم الإنفاق عليه اصبح يعاني من الفقر والجهل وضعف التعليم، بل إن المجاعات والكوارث الإنسانية تقبع أغلبها في العالم الإسلامي والعربي.
ويكفي أن نعرف أن في العالم العربي فقط يوجد 100 مليون أمي و100 مليون أخرى لا عمل لهم.. فمن يصدق أن دولة مثل مصر والعراق والمفروض أن تصدرا إلى العالم أجمع مواد غذائية تقومان باستيراد المواد الغذائية مثل القمح والذرة وغيرهما، فالولايات المتحدة بدلا من تصدير تقنية الزراعة ومساعدة مصر على بناء أمنها الغذائي تقوم بتصدير القمح لها، ويكفي أن نعلم أن دول شمال أفريقيا وحدها تستورد 10 مليارات دولار سنويا من القمح من الولايات المتحدة فقط.
لقد قامت الولايات المتحدة ببناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وبناء اقتصادياتها واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها، ولكنها امتنعت عن العالم العربي والإسلامي لأسباب معروفة، إذ يجب أن تكون هذه الدول سوقا لها وغير مطلوب تطورها، ويكفي أن نعرف أن السجائر بعد منعها من الولايات المتحدة بشتى الطرق أصبحت مبيعاتها 20% في الولايات المتحدة و80% في الدول النامية، فأي أخلاقيات يتحدث عنها الغرب؟! فالمنع يجب أن يطول الجميع وقس على ذلك جميع السلع، فعندما كنت طالبا في الولايات المتحدة رغبت في توريد سيارتي الأميركية من الكويت إلى الولايات المتحدة، فكان الجواب المنع البات لأن السيارات التي صدرت لنا لا تتمتع بمواصفات تقليل تلوث البيئة والمفروضة على سيارات الولايات المتحدة.
لقد قامت الولايات المتحدة وللأسف الشديد بدعم الأنظمة الدكتاتورية والتسلطية في العالم العربي مادامت تحقق أهدافها وليذهب العالم العربي والدول النامية إلى الجحيم من انتهاكات لحقوق الإنسان وفساد لا محدود، ويكفي أن نعرف أن أكثر الدول فسادا في العالم دول عربية واتجاه الولايات المتحدة الآن إلى تأييد الثورات العربية، فهذا ما تم إلا بعد أن أحرج الشباب العربي بثوراته الولايات المتحدة وأنظمتها الدكتاتورية الحليفة.
ومن مسببات الإرهاب والكراهية، الدعم اللامحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى إسرائيل، فالدولة اليهودية ودعايتها الإعلامية كانت تنادي بانتهاك الحقوق الإنسانية لليهود على مدى التاريخ في أوروبا وغيرها، وللأسف الآن عندما تحققت الدولة لها أصبحت هي التي ينتهك حقوق الإنسان فهي تمنع الفلسطينيين من الرجوع إلى بلدهم وأراضيهم ومساكنهم وتقوم بقتل الأطفال الأبرياء في المظاهرات وتجرد النساء الفلسطينيات من ثيابهن بحجة التفتيش، بل تهين رئيسهم بتفتيشه على حواجز الحدود وتمنع المساعدات الغذائية عن الفلسطينيين، وعندما عرضت الجامعة العربية مشروع السلام عليها مقابل أراضي 1967 المحتلة قامت برفض السلام.
لقد قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بإهانة رئيس الولايات المتحدة وأعطاه درسا في التاريخ عندما نادى بدولة فلسطينية على حدود 1967، وللأسف تقوم الولايات المتحدة بوقف أي مشروع يدين الدولة اليهودية لانتهاكات السلام والحقوق الإنسانية وحتى تقارير ولجان الأمم المتحدة مرفوضة لدى الولايات المتحدة إذا كانت تدين إسرائيل.. اللوبي اليهودي للأسف الشديد قد خطف القرار الأميركي ولن يعود القرار الأميركي إلى موضوعيته إلا في حالة التخلص من هيمنة هذا اللوبي على القرار السياسي الأميركي فيما يخص الشرق الأوسط.
باختصار عزيزي أوباما.. الولايات المتحدة بحاجة إلى رؤية جديدة وإستراتيجية مختلفة للقضاء على الإرهاب في الشرق الوسط ولوقف مد الكراهية للولايات المتحدة، تتمثل في البناء الاقتصادي ومساعدة هذه الدول في الأساسيات وتمكينها من استغلال مواردها وتوفير الغذاء والصناعات الأساسية لشعوبها أي مشروع «مارشال» حديث ينقل هذه الدول من وضعها الاقتصادي البئيس إلى وضع الرفاهية الاقتصادية وليس بالطبع مطلوبا منكم أن تعملوا على التنفيذ بقدر ما ان المطلوب هو التحفيز والتوجيه والمساعدة التكنولوجية.
وأيضا مطلوب وقف دعم الأنظمة الاستبدادية والدعم الحقيقي للديموقراطية، والسياسة الحالية التي أعلنتها جيدة والمطلوب التطبيق الحقيقي وعدم التأخر لأسباب مصلحية.
وأخيرا أن تكونوا جادين في إلزام الدولة اليهودية بالمواثيق الدولية والالتزام الحقيقي بالسلام ومنع الانتهاكات الإنسانية ومنع وقف سبل العيش أمام الفلسطينيين وإعطاؤهم حقوقهم في الرجوع إلى ديارهم، ومنع أي محاوله لتهويد القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل، او لمنع المسلمين من الصلاة في المسجد الأقصى، وأي قرار من هذا فإنه يعني الحرب على العالم الإسلامي على مدى التاريخ.
فعزيزي أوباما.. الأخذ بهذه الرؤية الجديدة في سياستكم وإستراتيجيتكم في الشرق الوسط والعالم الإسلامي، يضمن لكم انتهاء الإرهاب وصداقة العالم العربي والإسلامي لكم.
[email protected]