صدر حديثا كتاب «كي لا ننسى الغزو العراقي ـ يا اهل الديرة» لمؤلفه العميد ركن طيار علي محمد الفودري، والهدف من هذا الكتاب ان تصبح الذكرى ذاكرة وطنية ولكيلا يتم نسيان ما فعله المحتلون العراقيون بالكويت وشعبها طيلة اشهر الاحتلال السبعة المتصلة وايضا حتى تعلم الاجيال القادمة بالكارثة التي حلت بشعب الكويت.
في الكتاب وفي الفصل الاول منه يبين المؤلف اسباب الاحتلال العراقي للكويت، فقد شن المقبور صدام حسين في العام 1980 هجوما على ايران ادى الى مواجهات دامت ثماني سنوات، وحصدت مليون قتيل من كلا الطرفين، ولولا الدعم الكويتي والخليجي لما استطاع العراق الاستمرار في الحرب لمدة طويلة. وخرج العراق من الحرب التي كلفته حوالي 300 مليون دولار اضافة الى الآلاف من القتلى والجرحى بديون ضخمة فاقت 80 مليارا من الدولارات، كما فقد العراق كل مدخراته الاستثمارية في الخارج والتي كانت تقدر بحوالي 35 مليار دولار.
وبعد الانتهاء من حربه مع ايران، وجد نفسه غير قادر على تقليل عدد الجيش العراقي وتسريحه، خاصة ان تعداد جيشه كان مليون جندي، اذ كان يخشى ان ينقلب ضده، ونتيجة لكل ذلك بدأ المقبور صدام حسين باحتلال الكويت ليلهي جيشه في عمل آخر.
ولقد عاث المحتلون فسادا وقتلا بالابرياء الكويتيين، كما قاموا بأعمال السرقة والنهب والاغتصاب والتعذيب والقتل.
الكتاب يقع في 200 صفحة يبين فيها المؤلف الاطماع العراقية في الكويت منذ القدم بصورة مختصرة جدا، ومنذ فترة الثلاثينيات من القرن العشرين وبالتحديد في 23 ديسمبر عام 1934 اي منذ عهد الملك غازي الاول ومن ثم الملك فيصل الثاني وعبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف واخيه عبدالرحمن وحتى عهد حسن البكر، الكل طالب بالكويت اضافة الى محاولاتهم المباشرة وغير المباشرة لضم الكويت حتى جاء عهد المقبور صدام حسين الذي احتل الكويت وحاول السيطرة عليها وجعلها محافظة رقم 19، وخروج القيادة الشرعية من الكويت المحتلة الى الاراضي السعودية، وكذلك يتحدث المؤلف عن الموقف الدولي الذي كان مشرفا ومتفقا مع القوانين والاعراف الدولية وعن موقف اميركا التي شكلت تحالفا سياسيا استراتيجيا وعسكريا، كما يتطرق المؤلف الى الدول التي وقفت مع الحق والدول التي وقفت مع الباطل.
بعد ذلك يتحدث مؤلف الكتاب عن الحكومة المؤقتة التي كونها العراق وعن فصولها الهزلية وبياناتها الكاذبة.
وفي الفصل الثاني يتحدث عن الصامدين في الكويت المحتلة خلال سبعة اشهر وتكاتفهم كجسد واحد، وعن المعاناة مع الجيش الغازي، ويتطرق ايضا الى الاجراءات الصارمة التي فرضها المحتلون من قتل واغتصاب المدنيين الصامدين الابرياء ومواجهتهم العذاب البدني والعذاب النفسي.
كما يتطرق المؤلف الى محاولة الصامدين المعيشة والتعايش مع اجواء الغزو القاسية والتي اصبحت مؤلمة الى حد كبير لهم.
السرقة والنهب والسلب
ويبين المؤلف في هذا الفصل ما قام به المحتلون المجرمون من عمليات السرقة والنهب والسلب والتي كانت تتم جهارا نهارا وليلا بصورة مستمرة من قبل المحتلين، وتدمير المحتلين جميع المنشآت ومرافق البلد، وكان المحتلون يدخلون منازل الصامدين بعذر التفتيش وفي الحقيقة يزيدون السرقة.
كما يبين ما قام به الشباب الصامد والاهالي من اعمال، وتطرق الى ملحمة التضامن والتعاون والوحدة الوطنية بينهم، وكيف استطاع الصامدون على الرغم من احلك الظروف ان يتجاوزوا اشد الصعاب وامرها قسوة بفضل ما جبلوا عليه من الحب والتآلف والتكاتف، وعن كيفية مواجهتهم لكل المخططات والمؤامرات العراقية وعن قيامهم بالعصيان المدني ووقوفهم خلف القيادة الشرعية ورفضهم التام لكل محاولات الغازي العراقي لمسح هويتهم.
ويتحدث المؤلف ايضا عن تنظيم الصامدين شأنهم الداخلي، وعن صعودهم اسطح المنازل للتكبير، وكذلك عن تقديمهم انواع الدعم والمساندة الى خلايا المقاومة الكويتية، ويتحدث عن شهر رمضان وتوزيع المواد الغذائية على بيوت الصامدين. ويذكر كيفية دفن الشهداء وحفاظ الصامدين على ممتلكاتهم الخاصة كالذهب والمجوهرات واوراقهم الثبوتية والملكية من السرقة.
الأطباء
ويتحدث في الكتاب عن دور الاطباء الكويتيين الصامدين وعن جمعية الهلال الأحمر ورجال الطوارئ والاسعاف والخدمات الطبية، وعن سرقات سيارات الاسعاف الكويتية والادوية والمعدات الطبية واجهزة الاشعة التخصصية العامة واجهزة الابقاء على الحياة في وحدة العناية المركزة ووحدة رعاية القلب، وحضانات الاطفال الخدج (الانكوبيتر) من قبل الغزاة.
رجال الإطفاء
وبعد ذلك ينتقل الى فصل خاص عن رجال الاطفاء ودورهم الصمودي اثناء الاحتلال والاعمال التي قاموا بها، وكيفية تغلبهم على المشكلات التي كانت تواجههم خصوصا من الغزاة العراقيين.
كما يتطرق المؤلف الى سرقة الغزاة لخزانات البنك المركزي الكويتي من مبالغ اجنبية والذهب، وكذلك عن قيام عدد من التجار الكويتيين بالتبرع بملايين الدنانير وتوزيعها على الصامدين، وبعد ذلك قامت الحكومة الشرعية بارسال مبالغ لتوزيعها على الصامدين.
ثم تطرق المؤلف الى نقاط التفتيش العراقية وتبديل اسماء المناطق والشوارع والمستشفيات والمصافي النفطية والغاء اسم الكويت وتغييرها الى كاظمة واعتبروها احدى المحافظات العراقية.
ويقول لقد حاول العراقيون طمس واخفاء كل شيء له صلة بالتراث الكويتي واخذوا يطالبون الشعب الصامد بتغيير هوياتهم وارقام السيارات الى لوحات عراقية.
وفي الفصل الثالث من الكتاب يتحدث المؤلف عن المقاومة والتعذيب والتأييد الشعبي للمقاومة الكويتية، ويبين دورها في التعاون والمساعدة وتوصيل المعلومات الى الشرعية الدولية والذي كان له الاثر الكبير في سرعة تحرير الكويت.
كما يتطرق الى دور المرأة الكويتية، ومشاركتها في المقاومة اثناء فترة الاحتلال الآثم، كما كان لها دور كبير في اثارة حمية الشباب والنساء للعمل ضد قوات الاحتلال وقيام المرأة بالمظاهرات ضد الغاصبين الغزاة العراقيين.
يقول العميد ركن طيار علي الفودري لقد لاقت المرأة الكويتية شتى انواع وصنوف التعذيب، وسقطت المرأة الكويتية شهيدة في الدفاع عن وطنها الكويت، واستشهدت سناء عبدالرحمن الفودري واسرار مبارك القبندي ووفاء احمد العامر وسعاد علي الحسن.
المنشورات والجرائد
ودعما للحقائق يتحدث عن المنشورات والجرائد التي كانت تصدرها المقاومة والتي كانت تهدف الى شد ازر الصامدين ودعمهم معنويا وسد الفراغ المعلوماتي ومجابهة الاعلام الصدامي المدمر، وتحدث عن جريدة النداء العراقية وعدم قراءتها من قبل الصامدين والتي كانت توزع مجانا.
وفي نفس الفصل يحكي عن التعذيب وانواع التعذيب وكان الغزاة يمارسون شتى صنوف القتل والتعذيب بحق الصامدين وخاصة بحق المقاومة الباسلة.
كما يبين المؤلف انواع التعذيب الجسدي والتعذيب النفسي.
وفي الفصل الرابع يتحدث العميد ركن طيار عن مؤتمر جدة وعن حريق الآبار.
ويتضمن الفصل الخامس حديثا عن تحرير الكويت، وخروج المحتل من الكويت، وفرحة الصامدين بالتحرير.
وفي نهاية الكتاب يتحدث المؤلف بصورة مختصرة جدا عن نهاية صدام وعلي حسن المجيد (علي الكيماوي).
ولدعم الحقائق زود المؤلف كتابه باثباتات من الاوامر والتعاميم العراقية التي صدرت اثناء الاحتلال لبيان حقيقة الاحداث، كما تم تزويد الكتاب بصور لدعم موقفه من الحقائق.
ويختتم العميد ركن طيار علي الفودري بقوله انها حقا قصة ارادة شعب تجلت في اروع صورها لقد جسد الكويتيون ملحمة رائعة في التضامن والوحدة الوطنية منذ اللحظة الأولى للاحتلال الغاشم في 2 اغسطس عام 1990 وحتى طرد آخر جندي عراقي صباح يوم 26 فبراير عام 1991، بقي الكويتيون على ثبات وحدتهم الشعبية التي اظهرتها مواقفهم الصلبة وتعاضدهم وتراحمهم.
وفي النهاية قال: كل ما اتمناه ألا تنسى الاجيال الحالية والقادمة ما فعله المحتلون خلال شهور الاحتلال السبعة، وان تعاد دراسة موضوع الغزو في المدارس الكويتية الحكومية والخاصة لكي يتسنى للاجيال معرفة ما جرى.
المؤلف في سطور
ـ علي محمد علي أحمد الفودري
ـ التحق بالجيش الكويتي في 21 نوفمبر عام 1965م برتبة مرشح ضابط.
ـ أنهى تدريبه العسكري في الكويت، ثم التحق بسلاح الجو الكويتي بدورة طيار على الطائرات من طراز جت بروفست النفاثة، ثم التحق بدورات متقدمة أخرى، وله خبرة على أنواع مختلفة من الطائرات منها طائرات جت بروفست مارك 3 ومارك 4 ومارك 5، وهنتر ـ لايتننغ ـ سترايك ماستر ـ سكاي هوك ـ ميراج إف 1 بالإضافة الى الطائرة t-38 الأميركية المقاتلة النفاثة.
ـ تقلد عدة مناصب قيادية منها مساعد آمر سرب سكاي هوك، ومساعد آمر سرب الميراج، ورئيس فرع العمليات في قاعدة أحمد الجابر الجوية، ورئيس فرع عمليات قاعدة علي السالم الجوية، وقائد لقاعدة علي السالم الجوية بالوكالة لمدة سنة، وآمر لقاعدة المطار الدولي العسكري، (حاليا قاعدة عبدالله مبارك).
ـ كما عمل ضابط ارتباط لدى الولايات المتحدة الأميركية.