الدستور الكويتي في المادة السادسة منه يقول: «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور».
والمادة الحادية والخمسون من الدستور تنص على أن «السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقا للدستور».
والمادة الثانية والخمسون من الدستور تقول أيضا: «السلطة التنفيذية يتولاها الأمير ومجلس الوزراء والوزراء على النحو المبين بالدستور».
وكما هو معروف ان السلطتين التشريعية والتنفيذية هما من أهم مؤسسات الحكم ويجب أن تكونا ممثلتين من الأمة تمثيلا حقيقيا يتسق مع ما ذهب إليه المشرع وما قرره الدستور وما أسس له الآباء المؤسسون في المجلس التأسيسي، وبموجب هذا فإننا كشعب وكأمة يجب أن يكون لنا وجود حقيقي في حكم هذه المؤسسات والسلطات جميعا، ويجب أن نكون شركاء في الحكم من خلال هاتين السلطتين.
هذا في جانب إداري مهم، وفي الجانب الآخر المالي والاقتصادي، فإن الدستور أيضا في المادة السابعة عشرة منه صريح جدا، إذ يقول: «للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن».
إذن فنحن كمواطنين ملاك أصليون لهذه الأموال العامة، أو على أقل تقدير شركاء فيها، ويجب علينا رعايتها وحمايتها من الإهدار والنهب والفساد، والمحافظة عليها وتسخيرها لتنمية الوطن والمجتمع.
هذا في أمر، الأمر الآخر أن كل ما ذكر هو كلام نظري وأجزاء غير مفعلة من الدستور أو قل إنها مجرد حبر جف وشبع جفافا على أوراق هذا الدستور وبلا فاعلية أو حتى مقاربة ولو من بعيد لأرض الواقع، وبما أنه يفترض بنا أن نكون كما أسلفت شركاء في الحكم والمال العام.
هذا الافتراض غير المتحقق إطلاقا على أرض الواقع البائس غير متحقق من الناحية الإدارية كما هو واضح في تشكيل وآليات تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وغير متحقق من الناحية المالية لأننا كشعب وحكومة لا نستطيع تحديد الأرقام الدقيقة والحقيقية لمدخولات النفط أو أعداد ومدخولات وموجودات الصناديق السيادية، وهذا أمر مخجل ومحرج لنا كدولة وكشعب، لأن هذا الفساد وهذه الضبابية وعدم الشفافية في الإدارة وفي إدارة المال العام لا تليق بالدول المحترمة، وتجعل المواطنين لا يثقون في حكوماتهم ولا في تصريفها لشؤون البلاد ولا للمرور الآمن بالبلاد والعباد في ممرات التقلبات الدولية.
وهذا ما يستدعينا جديا للتفكير في طرق جديدة ومغايرة ومحاولة الرقي ببلدنا ودفعها ودفع المجتمع لمواكبة الصفوف الأولى من الدول والمجتمعات المتقدمة والمحترمة، وهذا أمر ليس بالمعجز ولا بالمستحيل، بل ليس فيه من الصعوبة أي شيء، فبإمكاننا وبكل سهولة المقارنة والمماثلة والاقتباس من النماذج العالمية الناجحة والمحترمة، وإن كنت أميل جدا- إن جاز التعبير- إلى «ملزنة» إدارة السلطتين والصناديق السيادية.
وأعني هنا بـ «الملزنة»: الاقتداء بالتجربة الماليزية من حيث الإدارة أولا، ودراسة فكر الرئيس الماليزي مهاتير محمد في الإدارة، ومحاولة الاستفادة منه في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية لدينا.
ودراسة واستحضار التجربة الماليزية ثانيا من حيث الاقتصاد والأمن المالي والاقتصادي لديهم، خاصة في طريقة تعاطيها مع قضية الفساد العالمية وما بات يعرف بملف «الصندوق الماليزي».
وماليزيا كما هو معروف حاليا في مقدمة النمور الآسيوية التي نهضت ببلدانها بفضل الإدارة الصحيحة ومحاربة الفساد والمفسدين.
[email protected]
@hammad_alnomsy