ماذا بعد.. ماض ذهب بأوجاعه وحرمانه وأيام لا يمكن أن تعود، وذكريات لا توصف إلا «بروائع الزمن الجميل»، ودروس دفعنا في مشوار تعلمها الغالي والنفيس.
ماذا بعد.. حاضر يجري بنا إلى مجهول مخيف، أسقطنا في جب الظلام الدامس، من أجل تحقيق حلم يأبى أن يخطه قلم الحقيقة في صفحة الواقع المرير.
ماذا بعد.. مستقبل ننتظره بشغف حارق أو خوف قاتل وسؤال لا ينفك ينهك العقل والخاطر دون جواب يريح النفس ويهدأ من روعها ولهثها في السعي والتفكير، هل يا ترى..؟
هل سأوفق في دراستي، هل سأقابل الفارس الشجاع صاحب الفرس الأبيض، يخطفني من ذلك العالم القاسي، ويحط بي في عالم الحب والجمال الذي أعيشه في قلب الخيال، هل سأكون أما لأطفال رائعين وأشبع شوقي في أن أسمع تلك الكلمة التي تعطيني كل ما أحتاجه في تلك الحياة، هل سأكون سعيدا في حياتي؟ هل سأكون ناجحا في عملي، هل ثم هل ثم ترى !؟....، يأبى ذلك السؤال أن يتركنا وشأننا يظل يطارحنا بعنف حتى تمتلئ عيوننا بدموع التمني والرجاء وأخذنا إلى عالم الخيال الذي نحلم ليلا ونهار أينما ذهبنا وارتحلنا، يلح على عقولنا ويتوغل فيها كالسرطان المخيف الذي لا يتوقف حتى يدمر عقل صاحبه.
لم لا نقنع عقولنا بأن الحياة محطات ومراحل لا نستطيع أن ننتقل من مرحلة دون المرور على التي تسبقها ونعيش كل مرحلة بحلوها ومرها، ونقنع أنفسنا بأنها مسألة وقت وتنتهي تلك السعادة أو ينتهي ذلك الألم والحرمان ثم نتوقف في المحطة التالية ونأخذ منها نصيبنا من الفرح والحرمان ثم ننتقل للأخرى، فالحياة دائرة تدور لا تتوقف عند نقطة أو شخص أو سن أو حدث.
لم لا نسلم بأن كلا منا لا يأخذ من الحياة إلا ما قدر له من لحظة أن تدب فيه الروح حتى تذهب إلى خالقها، مهما بلغ السعي منتهاه!؟
* لم لا نرضى بقضاء الله وقدره ونكف عن إيذاء أنفسنا وبعضنا ونسلم الأمر لله ونعالج أنفسنا من الأمراض التي أصابتها في الطريق المنهك الذي قطعناه.
* لم لا نجعل حياتنا بسيطة سهلة غير معقدة ونزلل العقبات التي وضعناها بأيدينا حتى أصبحت قاسية على أنفسنا وغيرنا؟!
الله تعالى يقول...(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)
لا تحتاج منا الحياة أكثر من (السعي المعتدل) والأخذ بالأسباب ثم الدعاء لرب السماء حينها سنحظى براحة الرضا وسعادة التسليم الذي يأخذ بأيدينا إلى أبواب الجنان.
(ماذا بعد)، اقتل ذلك السؤال في عقلك واجعل حياتك كما ينبغي أن تكون.