حي هلا بالتصالح والتفاهم، وحي هلا بالدعوة السامية التي أطلقها صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، ولا شك أن الصلح خير، بنص القرآن الكريم، وأن الأمن والسلام مطلب كل محب للوطن، وكذلك اللقاء والتحاور والتشاور أمر جميل ويبشر بالخير وهي فرصة لا تفوت، حتى وإن اختلفت الآراء وتباينت، لا بد أن نصل إلى حل يرضي الجميع إن أردنا ذلك، شريطة أن تكون النية صافية، فالاختلاف ظاهرة صحية، والبيت الواحد يختلف أهله فيما بينهم، وربما وصل الأمر بهم إلى الخصام، ولكنهم يعودون فيتصالحون، وترجع الأمور كما كانت، وهذه سنة الحياة ولكن المهم أن تكون هناك نقطة يتفق عليها الجميع ولا يتجاوزونها بأي حال من الأحوال، وهي مصلحة الكويت أولا وأخيرا، فالكويت فوق اختلافاتنا وتخاصمنا لأنها الحصن الحصين لنا، والبيت الذي يجمعنا.
إذن لا بد أن نتصالح شئنا ذلك أم أبينا، فالدول تتنازع وتستنفر جيوشها، ثم تتصالح، ولكن وقبل كل شيء هناك خطوة مهمة للغاية لا بد أن نضعها بالاعتبار وهي التصالح مع أنفسنا، نعم لا بد من ذلك قبل كل شيء، فإذا تصالحنا مع أنفسنا استطعنا أن نتصالح مع الغير بكل سهولة وسلاسة وعلينا أن نعرف جميعا أن الصلح سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو القدوة لكل مسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين».
والحقيقة ان من أبرز مظاهر الأخوة الإسلامية الإصلاح بين الناس.
ومن الطبيعي أن تكون بين الناس منازعات وخصومات لاختلاف الأهواء والرغبات والاتجاهات، وتضارب المصالح ولكن بالتفاهم تحل كل المشكلات، وفي ذلك يقول المولى عز وجل: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) الحجرات: 10، وإذا تصالحنا عمت بيننا المودة، وذهب كل ما يعكر صفونا، وسارت بنا الحياة نحو الأفضل، وارتاحت قلوبنا من الشحناء والغل والحقد، وأكملنا بناء وطن شامخ قوي، حتى وإن وصلنا إلى مقولة لا غالب ولا مغلوب، ولم لا نسعى إلى رضاء الله تعالى وإلى رضاء ولي أمرنا الذي دعانا إلى الحوار والتفاهم، ونكون عند حسن ظنه، ولا أظن أننا أحرص منه على مصلحة البلاد والعباد، وكلنا أبناء وطن واحد يجمعنا المصير الواحد، فلنختلف لا بأس في ذلك ولكن علينا أن نتفق على الوطن، نحن بخير ولله الحمد والمنة ننعم بالأمن والأمان والحرية اللامحدودة فلا نبطر على النعمة، ولا نعطي الفرصة لكل عابث بأمننا.
كان سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنه قد استقبل معاوية بن أبي سفيان بعشرات الألوف من الجنود أمثال الجبال، أصحاب البصائر الثاقبة، فاختار الصلح على القتال وتنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان حبا منه في حقن دماء المسلمين، فكان كما قال جده رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه: إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين، من هنا نتمنى على الجميع أن يقدموا المصلحة العامة على المصالح الشخصية، والله ولي التوفيق.