رفقة السوء تجر إلى ما لا تحمد عقباه، فإن كنت مستقيما أصبحت أعوج، وإن كنت مهتديا صرت ضالا، فالإبل إذا بركت في مكان الجرب نقل إليها الجرب.
وفي هذا الزمان نرى كثيرا من المتضادات والأعاجيب، فربما أخذ المرء بذنب جناه أخوه، قد يحدث مثل ذلك رغم أنها قسمة ظالمة ما انزل الله بها من سلطان، فما هو ذنبي إن أخطأ أخي؟ وكيف أحاسب على ذنب لم تقترفه يداي، والتاريخ العربي به الكثير من هذه الأمور، روي أن رجلا حلق على اسمه، أي وضع تحت المراقبة وصودر ماله وهدم منزله وزج بالسجن، أيام الحجاج بن يوسف، فأدخل عليه وهو يرسف في قيوده فنظر إليه الحجاج بغضب وسأله: ما شأنك؟ فقال: اصلح الله الأمير، اغضض عني بصرك واكفف عني سيفك وارعني سمعك، فإن سمعت زللا أو خطأ دونك والعقوبة، فاستوى الحجاج جالسا وأعجبه منطقه، وقال: قل أسمع، قال: عصى عاص من عرض العشيرة فحلق على اسمي وهدم منزلي وحرمت عطائي، وأخذت بذنب غيري، فقال: هيهات هيهات أو سمعت قول الشاعر:
جانيك من يجني عليك وقد
تعدي الصحاح مبارك الجرب
ولرب مأخوذ بذنب عشيرة
ونجا المقارف صاحب الذنب
فقال الرجل: أصلح الله الأمير، سمعت الباري عز وجل يقول خلاف ما ذكرت، فقال: وما ذاك؟ قال: (يا أيها العزيز إن له أبا شيخا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين، قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون).
سورة يوسف، فنادى الحجاج كاتبه وقال له: أفكك للرجل عن اسمه، واصكك له بعطائه وابن له منزله، ومر مناديا ينادي بين الناس: صدق الله تعالى وكذب الشاعر، وتعد هذه الحادثة من حسنات الحجاج، وفي ذلك يقول كعب بن عمرو التميمي:
الحرب قد تضطر صاحبها
نحو المضيق ودونه الرحب
جانيك من يجني عليك وقد
تعدي الصحاح مبارك الجرب
ولرب مأخوذ بذنب عشيرة
ونجا المقارف صاحب الذنب
وفي النهاية، الدنيا كلها دروس وعبر والمنة على من اعتبر ودمتم سالمين.