نعيش فرصة جميلة الآن من شهر رمضان، فليتنا نستغلها بصورة صحيحة ورائعة لنصل إلى مرحلة من السمو الروحاني والأخلاقي، لنعمل على تنقية أجسادنا وتصفيتها من السموم وكل ما هو ضار ما بين فترة السحور والإفطار، لنعمل على ترقيق قلوبنا وبالتالي الشعور بالمحتاجين والفقراء والمساكين، فوحده الجوع من يدفع بالإنسان ليحس ويشعر بغيره، ولننمي الثقة بنفوسنا والشعور بالانضباط للتعليمات الربانية لنا، ولنقوم بردعها عن القيام بالذنوب والآثام، رمضان فيه يخجل الإنسان من أبسط الذنوب واصغرها، ذلك لنيل رضا الله عز وجل والحصول على الحسنات، فهو فريضة لها العديد من الإيجابيات.
شهر عظيم مبارك، فيه تفتح أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات، فصامه سيدنا محمد ﷺ وأمر الناس بصيامه، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن من صامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، فلنستقبله بالبهجة والفرح والسرور والعزيمة الصادقة والإصرار.
شهر مليء بالفوائد الكثيرة والحكم العظيمة، منها تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة، وتعويدها للأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله، فمن خلاله يعرف العبد نفسه وحاجته وضعفه وفقره لربه، ويتذكر عظيم نعم الله عليه، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الفوائد في قوله: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ـ البقرة: 183)، فأوضح سبحانه أنه كتب علينا الصيام لنتقيه سبحانه، فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى، والتقوى هي: طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه عن إخلاص لله عز وجل، ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقى العبد عذاب الله وغضبه، فالصيام شعبة عظيمة أيضا من شعب التقوى.
كما بين لنا النبي ﷺ أن الصوم وسيلة لطهارة الإنسان وعفافه، وما ذاك إلا لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، والصوم يضيق تلك المجاري ويذكر بالله وعظمته، فيضعف سلطان الشيطان ويقوى سلطان الإيمان وتكثر بسببه الطاعات من المؤمنين، وتقل به المعاصي والسيئات.
وقد ورد في فضله وفرضيته آيات وأحاديث كثيرة، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ـ البقرة: 183 و184).
كما قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك (أخرجه مسلم 2760).
فلنتقِ الله سبحانه حق تقاته، ونخشاه ونخافه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتكون تقوانا له سبحانه، كما قال أهل العلم: أن يجدك الله حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك، ويكون المرء تقيا حين يستشعر مراقبة الله سبحانه وتعالى له في السر والعلن، وهو بذلك يكون وقافا عند ما نهى الله تعالى عنه، مقبلا إلى ما شرعه الله وحث عليه ربنا جل جلاله، وأمر به نبينا صلى الله عليه وسلم.
ولنستقم على طاعته في رمضان وغيره، ونجتهد لنفوز بالكرامة والسعادة والعزة والنجاة في الدنيا والآخرة.