لم يفلح فرار الرئيس السريلانكي غوتابايا راجاباكسا من البلاد في تهدئة غضب مواطنيه الذين اندفعوا بالآلاف الى الشوارع احتجاجا على عدم تنحيه كما وعد، واقتحموا مكتب رئيس الوزراء رانيل ويكريميسنغ، بعيد تعيينه رئيسا بالإنابة، وإعلانه حالة الطوارئ.
وأفاد شهود عيان بأن رجالا ونساء تمكنوا من اختراق العوائق العسكرية واقتحموا مكتب رئيس الحكومة ورفعوا أعلام البلاد بعدما فشلت عناصر الشرطة والجيش في صدهم على الرغم من إطلاق الغاز المسيل للدموع واستخدام خراطيم المياه. وفي كلمة متلفزة أعلن رئيس الوزراء أنه أمر قوات الأمن بإعادة إرساء النظام، لكن شهودا أفادوا بأن عناصر حماية مكتبه تراجعوا وتركوا البوابات مشرعة أمام دخول المحتجين. وقال ويكريميسنغ: «أمرت القادة العسكريين وقائد الشرطة باتخاذ ما يلزم من تدابير لإعادة إرساء النظام». وتابع: «أولئك الذين اقتحموا مكتبي يريدون منعي من تولي مسؤولياتي بصفتي رئيسا بالإنابة».
وأضاف: «لا يمكن أن نمزق دستورنا. لا يمكن أن نسمح لفاشيين بالسيطرة على السلطة. علينا أن نضع حدا لهذا التهديد الفاشي للديموقراطية». وجاءت تحركات المتظاهرين أمس نسخة مكررة لما فعلوه السبت الماضي حين سيطروا على منزل راجاباكسا ومكتبه، ما أجبره تاليا على الفرار خارج البلاد. وعين رئيس الوزراء رئيسا بالإنابة، وفق ما أعلن رئيس مجلس النواب ماهيدنا أبيواردانا.
وقال أبيواردانا في كلمة تلفزيونية مقتضبة: «بسبب غيابه عن البلاد، أبلغني الرئيس راجاباكسا بأنه عين رئيس الوزراء رئيسا بالإنابة وفقا لما ينص عليه الدستور».
ويبدو أن الرئيس آثر تعيين خليفة له والفرار من البلاد الى جزر المالديف قبل ان يتنحى خوفا من اعتقاله، كونه يتمتع بحصانة تمنع توقيفه.
وأفاد مسؤولون في سلطات الهجرة وكالة فرانس برس بأن راجاباكسا غادر في طائرة عسكرية من طراز أنطونوف-32 أقلته مع 3 أشخاص، هو زوجته وحارسان شخصيان. وقال مصدر حكومي وشخص مقرب من راجاباكسا إنه في ماليه، عاصمة جزر المالديف. وقال المصدر الحكومي إنه من المرجح أن ينتقل الرئيس إلى دولة آسيوية أخرى من هناك. وقالت صحيفة دايلي ميرور السريلانكية نقلا عن مصادرها الخاصة إن راجاباكسا، سيتوجه من المالديف إلى سنغافورة.
وقال رئيس القناة التلفزيونية المالديفية لصحيفة ديلي ميرور إن جزر المالديف والمغتربين السريلانكيين احتجوا بالقرب من منزل رئيس المالديف وحثوا السلطات على طرد الرئيس السريلانكي المخلوع من ذلك البلد.
وبعد ساعات قليلة ومع عدم صدور أي بيان رسمي بتنحي الرئيس كما تعهد سابقا، احتشد متظاهرون أمام مقر رئيس الحكومة الذي ينص الدستور على توليه الرئاسة بالإنابة في حال تنحي الرئيس، للمطالبة باستقالة الرجلين.
وهتف المتظاهرون «ارحل يا رانيل، ارحل يا غوتا» قبل أن يقتحموا مكاتب رئيس الحكومة، متحدين بذلك إعلانها حال طوارئ عامة «للتعامل مع الوضع في البلاد»، وفق ما أعلن المتحدث باسم رئيس الحكومة دينوك كولومباج في تصريح لفرانس برس.وفرضت الشرطة حظر تجول في كامل المنطقة الغربية التي تضم كولومبو «لاحتواء الوضع»، وفق مسؤول رفيع في الجهاز.
وإذا استقال ويكريميسنغ، كما عرض بالفعل في وقت سابق، فسيكون رئيس البرلمان هو القائم بأعمال الرئيس حتى يتم انتخاب رئيس جديد، وفقا للدستور. لكن بيانا لزعماء الاحتجاجات حذر من «معركة حاسمة» في حالة عدم استقالة الرئيس بالإنابة ايضا.
وهدد بودي برابودا كاروناراتني، أحد منظمي الاحتجاجات الأخيرة بالسيطرة على البرلمان ومبان حكومية أخرى «إذا لم نسمع عن استقالة الرئيس ورئيس الوزراء».
بموازاة ذلك، اقتحم متظاهرون غاضبون أيضا مقر التلفزيون الرسمي وسيطروا لفترة وجيزة على البث.