كتب ابني الغالي وزميلي العزيز الأستاذ عبدالعزيز جهاد العطار مقالته في جريدة النهار بعنوان «ماذا بعد الحل»؟! وطرح عدة تساؤلات مهمة يفرضها المشهد السياسي الحالي وكيف كانت تجربة مجلس 2020.
لكن استوقفني سؤاله: «هل فعلا ينقصنا الوعي في حسن اختيار من يمثلنا؟ هل على المسؤولين المعنيين مسؤولية إعداد برامج توعوية للناخب تؤدي إلى حسن اختياره؟
الأزمات تكشف مستوى وعي المجتمعات وإن كانت تأخذ مظاهر ثقافية أو اقتصادية أو سياسية، فهي في العمق أزمات مجتمعية، لأنها تتعلق بمستوى القدرة على الانضباط والتنظيم الذاتي في مواجهة التغيرات الداخلية والخارجية.
تحقيق الوعي السياسي يحتاج إلى عملية متواصلة من التعليم والتثقيف والتربية فهي عملية صعبة وليست سهلة، تتطلب خططا وبرامج وأدوات ومهارات للقيام بها وإنجاحها، كما أنها تتطلب تضافر جهود المثقفين والمفكرين والعلماء والدعاة من شتى التخصصات والقادة الاجتماعيين وطلاب المدارس والجامعات ممن يمتلكون دوائر واسعة من التأثير على الجماهير وكل من تحقق لديه الوعي السياسي ويسعى إلى التأثير على الرأي العام، خاصة أننا نعيش في عصر المتغيرات والانفتاح الثقافي والثورة المعلوماتية المتسارعة، وتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهذا ما أدى إلى تعقيد عملية التوعية السياسية وزيادة مقتضياتها واحتياجاتها من حيث الأدوات والمهارات والوسائل والأهداف والمؤسسات التي ترعاها.
من خلال استقراء التاريخ نجد أن الأمم في حركتها الحضارية صعودا ونزولا وانهيارا، لا تحركها الجماهير والعامة، بل تحركها النخبة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وعلمية، إما نحو النهوض والتقدم، وإما نحو الانهيار والسقوط في التخلف.
التأثير على وعي الشعوب والأفراد هو الهدف الأساسي في تشكيل وعي المجتمع بغضّ النظر عن توجهات هذه النخب الأيديولوجية والفكرية والسياسية.
اليوم نحن بحاجة إلى نخب حقيقية، ووسائل إعلام، ومؤسسات مجتمع مدني تعمل على بناء وعى مجتمعي وصناعة الوعي السياسي حتى نستطيع استعادة ريادتنا بين الأمم الأخرى، ونرد لوطنا نصاعة تقدمه وسبقه في مجالات شتى، من خلال الاستفادة الكاملة من جميع الطاقات والكفاءات، والبحث عنها واستثمارها في جذب الناس إلى الفكر الأصيل والثقافة الواعية.
المجتمع يحتاج إلى صناعة واعيه في قضاياه الخاصة، التي تشكل همه اليومي، قوته وحقوقه، حاضره ومستقبله، حقوقه قبل واجباته، يحتاج لتعزيز الهوية الوطنية التي من أجلها سيذهب ليقترع ويختار الأفضل ولو على حساب أخيه وابن عمه، طائفته وقبيلته.
قال الله تعالى: (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)، نظلم أنفسنا ووطننا حين نسيء الاختيار، والاستمرار فيه على الرغم من أنها أخطاء ووجب علينا تصحيحها وتجنبها.
نراهن على وعي المواطن الذي ربما أدرك بحسه الوطني وذكائه ضرورة تصحيح وتغير المشهد السياسي، وإيجاد مجتمع واع مؤمن بإمكانيات الشباب وأن يكون عونا لهم في تحقيق كامل حقوقهم ويعترف بدورهم في التأثير والتغيير والإصلاح.
فـ «النار ما تحرق إلا رجل واطيها».
إنها مسؤوليتكم ومسؤوليتنا يا سادة أن نستنهض الوعي في العقول وإصلاح ما هدم من جديد قبل فوات الأوان.
عز الكلام: لابد من ترميم العقل والوعي السياسي الكويتي ليكون ترياقا مضادا لتحصين الوطن والنهوض به من داء التعطيل والصراعات.
هكذا تصنع العقول النيرة الواعية طريقا زاهرا للأوطان وعندها قد يصبح فرض عين.
[email protected]
Nesaimallewan