أحبته الناس ليس لشهرته لأنه وزير أو انه من أسس تلفزيون الكويت وقاد الإعلام الرسمي، بل لأنه رجل «ترابي» متواضع، يعيش هموم الناس ويحدثهم بلغة بسيطة يخلط فيها بين الفصحى واللهجة الكويتية الأصلية «العتيقة» دون تكلف ولا مجاملة.
ففي الذي في قلبه على لسانه، بلباقة وحسن العشرة، في صغرنا بالليل نشاهده في التلفزيون، وفي الصباح نرافق المرحوم الوالد إلى سوق الخضرة بالمباركية، فيؤشر الوالد قائلا: شوف هذا أبو السنعوسي يتجول بين الباعة والمشترين.
زاملته كوزير في الحكومة 2006، ولمست منه الجدية، وميله للحسم ضد التردد، ويدافع دفاعا مستميتا عن مواقفه وآرائه بالأدلة، يحب الجمال والأناقة والدقة، لكن دون تكلف ولا مبالغة، هكذا في ملبسه في المناسبات المختلفة، ومع ضيوفه في بيته المرتب بتنسيق رائع، حيث يحتفظ بمكتبته التي يخزن داخلها حصاد عمره الفني والأدبي، ومنها «بكرات» فيلم الرسالة، هكذا يستقبلنا عندما نلتقي كأعضاء في رابطة الصداقة الكويتية - الإيرانية، فهو رئيسها، بعد وفاة الرئيس الأسبق المرحوم د.عبدالرحمن العوضي ثم وفاة المرحوم الوجيه عبدالمطلب الكاظمي.
برامجه التلفزيونية لا تنسى بتلقائيتها الفكاهية ومضامينها البناءة التي تنتقد المظاهر المزعجة للناس في الطرقات والمتنزهات، إلى ابتداع المكافآت المالية مقابل صيد الفئران المزعجة، إلى التصوير داخل السجون ليلتقي مع المسجونين البسطاء يحتضنهم رأفة بهم، ليترحم الناس عليهم بإعفائهم من ديونهم البسيطة فيتقدم هو أولا بالتبرع المالي ليتم الإفراج فورا.
رغم جديته فهو سريع الابتسامة والضحك من قلبه، كان يعيش بالصبر الجميل هموما قاسية، فقد تم التعريض له واتهامه بمشاريعه السياحية في البدع وفي سليل الجهراء، وجرجر بين قاعات المحاكم، حتى حكم على ولده بالسجن، وثكل بابنه الآخر متوفى في مقتبل عمره.
لا أنسى عندما هاجمه بعض أعضاء مجلس الأمة بعبارات قاسية جدا لم تحترم شيباته، ولم تقدر له إنجازاته الوطنية، ولم يكد ينتهي من هذه الابتلاءات، حتى داهمه المرض اللعين.
لكنه فطن مبكرا في توثيق كل منجزاته وتجاربه ومواقفه وآرائه ضمن إصداراته التي سجلها بقلمه الرشيق، ومنها تفاصيل أحداث صنعها قدماء تلفزيون الكويت، حتى مشاعره الدينية وثقها بلسانه بالطائرة عند عودته زائرا من زيارة الإمام الرضا عليه السلام في «مشهد» المقدسة.
غيابه عن المنصب الرسمي لم يحجبه عن الناس عبر الفضائيات والمنتديات مشخصا وناقدا ومتمنيا الخير والصلاح والإصلاح لوطنه ومواطنيه في حب متبادل!
عن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: «يا بني عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنوا إليكم، وإن فقدتم بكوا عليكم».
[email protected]