بيروت - منصور شعبان
حدد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، في عظة امس الأحد، مواصفات رئيس الجمهورية المقبل الذي يحتاجه لبنان، ويعلن التزامه الحاسم بمشروع إخراج لبنان من أزمته.
ودعا الراعي إلى «تأليف حكومة إنقاذ قادرة على القيام بالمسؤوليات الكبيرة المناطة بها في بداية العهد الجديد» وإلى «إحياء العمل بالدستور اللبناني والالتزام به إطارا للسلم اللبناني، ومرجعية لأي قرار وطني، واعتبار اتفاق الطائف منطلقا لأي تطور حقوقي من شأنه أن يرسخ العدالة بين اللبنانيين.
كما لابد للمسؤولين في أي موقع كانوا من احترام الميثاق الوطني والأعراف لتقوية الوحدة الوطنية، ولضمان حسن العلاقة بين رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء.
والشروع بتطبيق اللامركزية الموسعة على صعيد مناطقي في إطار الكيان اللبناني بحيث تتجلى التعددية بأبعادها الحضارية والإدارية والإنمائية والعامة، فتتكامل المناطق على أساس عادل.
وأكد الراعي «على دعوة الدول الشقيقة والصديقة إلى تنظيم مؤتمر لمساعدة لبنان أو إحياء المؤتمرات السابقة وترجمتها سريعا على أرض الواقع، وتطبيق قرارات مجلس الأمن المختصة ببسط السلطة اللبنانية الشرعية على كامل أراضي البلاد، مع تثبيت حدوده مع كل من إسرائيل وسورية، وإلى إيجاد حل نهائي وإنساني لموضوعي اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والنازحين السوريين، لأنهم أصبحوا على لبنان عبئا ثقيلا اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وديموغرافيا وإخراج لبنان من المحاور التي أضرت به وغيرت نظامه وهويته، ومن العزلة التي بات يعيش فيها، والعمل على إعلان حياده.
الراعي حث على مبادرة رئاسية «إلى دعوة الأمم المتحدة بإلحاح لرعاية مؤتمر خاص بلبنان، والقيام بجميع الاتصالات العربية والدولية لتأمين انعقاد هذا المؤتمر، وقد حددنا نقاط بحثه أكثر من مرة».
ورأى الراعي أن النواب يستخفون بانتخاب رئيس للبلاد في أدق الظروف، محملا إياهم مسؤولية خراب الدولة وتفكيكها وإفقار شعبها.
وأشار الراعي إلى ان ذكرى الاستقلال تأتي هذه السنة شاغرة وفارغة هي أيضا من معانيها وأبعادها، إذ ليس الاستقلال أن يخرج الأجنبي من لبنان بل أن يدخل اللبنانيون إلى لبنان. والحال أننا نرى فئات لبنانية تستجدي الوصاية وتتسول الاحتلال وتشحذ التبعية.
وحذر من الاستخفاف باختيار رئيس الجمهورية المقبل، مشيرا إلى أن أي خيار جيد ينقذ لبنان، وأي خيار سيئ يدهوره، مناشدا النواب ألا يقعوا من جهة ضحية الغش والتضليل والتسويات والوعود الانتخابية العابرة، ومن جهة أخرى فريسة السطوة والتهديد والوعيد، وشدد على أننا أصلا شعب لا يخضع لأي تهديد، ورئيس لبنان لا ينتخب بالتهديد والفرض.
بدوره، قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان، إن «البلد يعاني من أسوأ فراغ دستوري والهياكل متداعية والحل بزحف شامل نحو الحوار، والحوار ملح السياسة وأكبر ضرورة وطنية، ولا حوار يعني مشاريع إلغاء وطوأفة وفتح باب التدويل والمساومة ودفع مباشر نحو لعبة البيع والشراء الدولي، فالحل بحوار لبناني - لبناني، وبيروت أقرب من توسكانا (مدينة إيطالية كانت على تحالف مع الأمير فخر الدين المعني الكبير، وربما المقصود الفاتيكان الآن).
ومطبخ انتخاب رئيس الجمهورية موجود بمجلس النواب وليس بالخطوط الجوية، ومن تهمه مصالح لبنان يهتم بالحوار اللبناني وليس بالسمسرة الخارجية».
وأضاف: «الزحف نحو الخارج نسف للجهود الداخلية، والتعايش الإسلامي - المسيحي رأس مكونات لبنان، ولا إنقاذ للبنان دون إنقاذ المؤسسات الدستورية، والمجلس النيابي أكبر مؤسسة تمثيلية بالبلد يمكنها قيادة حوار وطني للحلول الجذرية والطارئة، ومزيد من الفراغ نحر لمصالح لبنان الكبرى وسط أسوأ مرحلة يمر فيها هذا الوطن المصلوب بيد قواه السياسية».