يترقب العالم حربا سيبرانية بقلق شديد، ومن خطورتها مهاجمة شبكات الكهرباء ومحطات معالجة المياه وشبكات الاتصالات والبنوك، وقد تتسع إلى عمليات التجسس، ونشر معلومات مضللة، وشن هجمات على البنية التحتية للمعلومات. والسؤال هنا: لماذا علينا أن نقلق بشأن تلك الحرب الإلكترونية؟
عندما تعلن الحكومة اليابانية أنها ستغير إستراتيجيتها للأمن القومي وتقرر حينها إنشاء منظمة جديدة تشرف على سياسة الأمن السيبراني وترصد مبلغ 40 إلى 45 تريليون ين ياباني (أي ما يعادل 295 إلى 333 مليار دولار) للإنفاق الدفاعي على مدى 5 سنوات، وعندما يجتمع 150 خبيرا بالأمن السيبراني في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، استعدادا لحرب إلكترونية متوقعة ويكون محور اجتماعهم هو تقييم واختبار وتعزيز دفاعات الحلف الإلكترونية، لذا ندرك حينها أن سيناريو الحرب الإلكترونية الشاملة بات واقعيا.
ولكي نفهم خطورة هذه الحرب وشكلها، يجب أن نعلم أن الجرائم الإلكترونية بأنواعها المختلفة قد كلفت الاقتصاد العالمي أكثر من 6 تريليونات دولار في العام الماضي فقط.
وهذه الحروب ليست جديدة ففي عام 2005 أسست إيران كيانا افتراضيا أطلق عليه «جيش فضاء إيران الإلكتروني»، ويستخدمه النظام لشن هجمات إلكترونية على المعارضة ومناهضي النظام في العالم، أو ضد الدول الكبرى التي تقف عائقا أمام البرنامج النووي الإيراني وتطوير الصواريخ الباليستية، أو حتى في المجالات الاستخباراتية وجمع المعلومات.
كما تعد روسيا من أولى الدول التي استغلت الفضاء السيبراني في المجال العسكري، واهتمت بالبحث والتطوير لزيادة قدراتها الهجومية في هذا المجال.
فالسلاح السيبراني على عكس الحروب العسكرية القديمة لا يعترف بالحدود ويمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة بسهولة وينتشر بسرعة في جميع أنحاء الدولة، وقد يتسبب في خسائر بمليارات الدولارات في العالم بأسره.
لذلك يجب أن يعلم كل قارئ أن القدرات السيبرانية تستخدمها الدول كأداة لإدارة علاقاتها الدولية، وأن أهم وظيفتين تؤديهما الهجمات السيبرانية هما إعادة تشكيل الأوضاع الجيوسياسية عبر تحقيق أهداف الدولة بشكل مباشر، والأخرى إرسال إشارات إلى العدو لدفعه إلى تغيير سلوكه بدلا من المواجهة العسكرية المباشرة.
إذن وفي نهاية هذا المقال أصبح لزاما علينا أن نسأل أنفسنا سؤالا: هل باتت الحرب العالمية السيبرانية وشيكة؟ وأين نحن من تلك الحرب؟