[email protected]
أستطيع وبكل جرأة أن أقول إن انتخابات مجلس أمة 2023 كانت بمنزلة «العرس الديموقراطي» بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد شهدنا ترتيبات واستعدادات موسعة بشكل لافت للنظر، الجميع كان على قلب رجل واحد، الجميع يأخذ بيد بعضه البعض من أجل أن نعبر تلك المرحلة المحفوفة بالمخاطر لكي نصل إلى بر الأمان، فقد كانت لدينا أحلام كثيرة نحو التنمية والتطور، وما كدنا أن نحقق بضعا منها إلا وتوقف كل شيء، حتى أتت لنا فرصة أخرى تعيد لنا الأمل من جديد.
ما شهدته من خلال تكليفي بمراقبة الانتخابات على أبواب لجان التصويت في مختلف الدوائر كان حقا أمرا يدعو إلى الفخر، فقد شاهدت رجال وزارة الداخلية يقفون بكل جهد واجتهاد من أجل تحقيق هدفي التأمين والتنظيم، ورصدت ماذا يصنع رجال الداخلية الأكفاء في لجان الاقتراع، وهم يشاركون في صياغة صفحة جديدة من صفحات تاريخ كويتنا الغالية، فرضوا التأمين بشكل يفوق كل التوقعات، يساعدون المسنين من الناخبين، يرشدون الشباب إلى لجانهم، كان الحدث عظيما جميلا متناغما، ولا أبالغ حين أقول إن جميع مؤسسات الدولة المشاركة في التنظيم نجحت بجدارة في تنفيذ عملية التنظيم بشتى أركانها.
حالة الحماس التي انتابتني حين شاهدت المسنين والشباب من الناخبين يزاحمون بعضهم البعض أمام لجان التصويت، هنا أدركت أن الجميع لديهم شعور بأن تلك الانتخابات تعد خطوة فاصلة في تاريخ الكويت، وأن ما سيأتي بعدها ليس بالأمر الهين، وأن الصوت الانتخابي الواحد سيمثل فارقا قويا في تاريخ الأجيال القادمة، وأنه قد حان للخلافات التي كان تصاحب كل حدث سياسي أن تنتهي حتى نتمكن من تصحيح المسار والعودة مجددا إلى خطوة البداية التي انطلقنا منها من ذي قبل، وأن نتحد ونتعاون معاً حتى نحقق حلم «العهد الجديد».
لقد كان يوما ثريا كريما وفياضا بالنجاحات السياسية، وقد ظهرت آثار التركيز التنظيمي جليا في كل تفاصيل المشهد، وعلت الطمأنينة على جميع الوجوه، فهنا أصبح كل شيء في يد الدولة الأمينة، فرجال الداخلية يحرسون، ورجال القضاء يحافظون على أماناتنا في الصناديق الانتخابية حتى إن بعض المرشحين أعلنوا أنهم لن يقوموا بتعيين مراقبين نظرا لثقتهم بنزاهة قضائنا.
دور وزارة الإعلام بقيادة الوزير عبدالرحمن المطيري لم يكن بالسهل، لقد كانت هناك خطة عمل متكاملة الأركان لمسنا أولى تفاصيلها منذ أن تم الإعلان عن موعد الانتخابات، فبدأت الوزارة بوضع القواعد الإعلامية التي تضمن نقل ما يحدث على أرض الواقع بكل مهنية وشفافية، وبدأت ترسم الخطوط الرئيسية لمختلف وسائل الإعلام المشاركة في تغطية هذا الحدث الوطن المهم حتى تضمن ألا يحدث ما يعرقل مهامها التنظيمية، ورأيت وكيل وزارة الإعلام المساعد لقطاع الصحافة والنشر والمطبوعات لافي السبيعي يتفقد بنفسه هنا وهناك يتابع ويرصد ويستمع للجميع، وفي النهاية أصبح لدينا نموذج إعلامي رائع يحتذى.
ولن أغفل التفوق الذي ظهر في دور المواطن الكويتي ممن حرصوا على الحضور إلى لجان الاقتراع قبيل فتح باب التصويت، ليشاركوا بكل شفافية في هذا الحدث التاريخي، لتكون الانتخابات الكويتية محل اهتمام الكثير من الصحف ووكالات الأنباء الدولية في مختلف أنحاء العالم بأسره، وكذلك عملية فرز الأصوات التي تمت بهدوء كامل وبشكل راق يليق باسم الكويت.
بالأخير أهنيء كل ناخب ومرشح وفائز بالسباق البرلماني، و«هارد لك» لمن لم يحالفهم الحظ فهذه هي الديموقراطية.