في أروقة ساحات القضاء هناك جملة شهيرة دائما ما يتم ترديدها تقول: «ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، وفي اعتقادي أن تلك المقولة صحيحة تماما، فالمتهم يظل بريئا حتى يقول القضاء كلمته بناء على ما تقدم أمامه من إثباتات وبراهين من شأنها أن تدين المتهم أو أن تكشف عن براءته، ولا أخفي عليكم أنني صعقت كغيري من أبناء الكويت الغالية حينما قرأت منشورا تم تداوله على نطاق واسع يخبر عن تبرئة أحد تجار المخدرات بعدما تم ضبطه وبحوزته كمية كبيرة من المواد المخدرة، وبالرغم من وجود «أحراز» إلا أن ثغرة بسيطة بالإجراءات القانونية الخاصة بعملية الضبط كانت سببا في إفلاته من العقوبة.
وعلى الرغم من أن ذلك الخبر لم يتم تأكيده أو نفيه حتى الآن، إلا أن المغزى منه يبقى أمرا واقعيا محتمل الحدوث، فكم من مدان تسبب في إلحاق الأذى بالغير استرد حريته ولم ينل العقوبة لأنه لجأ إلى بعض «الثغرات»! فما بالكم بمجرم تجرد من أدنى مراتب الإنسانية وأصبح كل ما يشغله هو جمع المال، حتى وان كان ذلك على حساب وطن بأكمله، بعدما استحل لنفسه تدمير شبابنا بتجارته الآثمة المخربة للعقول، التي تقتل بلا هوادة أو رحمة، وجعلت أسرا تعيش مكلومة، عاشت لسنوات طويلة في سجون الحسرة والألم بعدما فقدوا أبناء وإخوة أذهبت المخدرات عقولهم لينتهي بهم المطاف إلى الموت.
وهنا لا أعاتب أو ألوم المشرع بل اللوم بأكمله سيكون من نصيب من ساعد المتهم على الإفلات بجرمه، وظل يبحث عن الثغرات القانونية المنقذة من العقوبة، ألا يخشى مثل هؤلاء أن يأتي الدور عليهم أو على أبنائهم ليقعوا في شراك تعاطي وإدمان المخدرات؟ ألا يخشون أن يدمر وطنهم بعدما تغيب عقول شبابه؟ ألا يخشون على مجتمعهم وأفراده؟ ألا يخشون مما يكتب في صحفهم؟ ألا يخشون لقاء الله سبحانه وتعالى؟
أعلم أن هناك رجالا أقوياء أشداء في الحق يقودهم الشيخ طلال الخالد النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الداخلية، لا ينامون ليلا ولا نهارا من أجل أن يحموا الكويت وشعبها من آثام المخدرات، يترقبون ويترصدون تجار المخدرات حتى يجعلوا منهم عبرة لمن يعتبر.
ونقول لكل من تسول له نفسه، المساس بأي مواطن كويتي سيكون مصيره خلف القضبان يواجه العقوبة وفقا لما نص عليه القانون، وكما قال الخالد: «المواطن الكويتي خط أحمر»، وقد شاهدنا عن كثب ما أنجزه رجال وزارة الداخلية من مجهودات عظيمة في مواجهة تجارة المخدرات وعدد عمليات التهريب التي تم إحباطها.
وحتى لا يضيع ما يصنعه رجال «الداخلية» فقد لاحظت من خلال متابعتي لآراء العديد من المواطنين حول نبأ تبرئة أحد تجار المخدرات ان هناك من يطالب بتعديل بعض القوانين، وتوصلت إلى وجود ضرورة حتمية في ظل الظروف الراهنة وما تواجهه دولتنا من معركة شرسة من جانب تجار المخدرات أعتبرها بمنزلة حرب «البقاء» بوجوب أن يعمل نواب مجلس الأمة 2023 على أن يكون لهم دور في تلك الحرب ومواجهتها، وأن يسعوا إلى تعديل القوانين التي تغلق جميع الأبواب أمام تلك الثغرات، والتي من شأنها أيضا تغليظ العقوبة على أرباب تلك التجارة الآثمة حتى تكون الكويت لمثل هؤلاء بمنزلة السيف الذي سيقطع أيديهم إذا فكروا في المساس بأحد من أبناء هذا الشعب.
علينا أن نتحد من أجل أن ننجو، فأبناؤنا هم أغلى ثرواتنا، وعلينا أن نحميهم وأن تتآلف جميع القوى حتى نكون درعا تحمي وتحافظ على وطننا وأبناء شعبنا.
[email protected]