بعد وصول العلاقات بين الولايات المتحدة والصين إلى مستويات مثيرة للقلق، أصبح الخلاف بينهما مخيفا. وقد تحدثت عن ذلك في مناسبات عديدة من قبل.
لقد تفاقم العداء المتزايد بين الجانبين، اقتصاديا وسياسيا، لدرجة أن كليهما حذر علنا من صراع محتمل مع الآخر.
ولكن في خطوة إيجابية، التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالرئيس الصيني شي جينبينغ في بكين يوم الاثنين 19 يونيو 2023، في محاولة لتخفيف التوتر وتحسين التواصل بين أكبر اقتصادين في العالم. لم يكن الاجتماع مدرجا في جدول أعمال بلينكن، إذ تم الإعلان عنه قبل ساعة فقط من عقده، كأول لقاء وجها لوجه بين الزعيمين منذ تولي بلينكن منصبه في يناير 2023. جاء ذلك بعد أشهر من العلاقات المتوترة بين واشنطن وبكين، التي تميزت بالنزاعات حول التجارة وحقوق الإنسان وقضايا تايوان وهونغ كونغ والأمن السيبراني وغيرها من الأمور. وكانت قد ألغيت في شهر شباط (فبراير) من هذا العام، زيارة مقررة للسيد بلينكن للصين بعد أن أسقطت الولايات المتحدة منطادا صينيا عثر عليه في المجال الجوي الأميركي يفترض أنه كان لأغراض التجسس خلال هذه الزيارة.
وبعد اجتماع دام لمدة 35 دقيقة في قاعة الشعب الكبرى في ميدان تيانانمين، قال بلينكن للصحافيين «لقد شددت على أن.. التواصل المستمر على المستويات العليا هو أفضل طريقة لإدارة الاختلافات بمسؤولية وضمان عدم تحول المنافسة إلى صراع. سمعت نفس الشيء من نظرائي الصينيين. وكلانا يتفق على الحاجة إلى استقرار علاقتنا»، وقال بلينكن إنه «ينظر بوضوح» إلى الصين وهناك «العديد من القضايا التي نختلف عليها بشدة».
بدوره، قال شي إن الجانبين أحرزا تقدما وتوصلا إلى اتفاق بشأن بعض القضايا المحددة، لكنه لم يوضح ماهيتها، قائلا إنه يتعين على الصين والولايات المتحدة احترام المصالح الأساسية والمخاوف الرئيسية لبعضهما البعض، وتجنب المواجهة والصراع، والتعاون بشأن التحديات العالمية مثل تغير المناخ والصحة العامة والانتعاش الاقتصادي.
وفي النتيجة اتفق الزعيمان على الحاجة إلى استقرار علاقتهما ومنع المنافسة من التحول إلى صراع، ولكنهما أقرا أيضا بوجود اختلافات كبيرة حول العديد من القضايا.
جاء الاجتماع بعد زيارة قام بها المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، بيل غيتس، إلى بكين في وقت سابق من حزيران (يونيو) حيث التقى الرئيس شي، مما أظهر بعض إمكانات التعاون بين البلدين في قضايا مثل الطاقة النظيفة والابتكار.
كانت زيارة بلينكن للصين جزءا من جولته الآسيوية، والتي شملت أيضا اليابان وكوريا الجنوبية والهند. وقال إن رحلته تهدف إلى إظهار التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها وشركائها في المنطقة، بالإضافة إلى دعم منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة.
وصرح بلينكن أيضا بأنه ناقش المخاوف بشأن تصرفات الصين في المنطقة، مثل ضغطها العسكري على تايوان ومطالباتها البحرية في بحر الصين الجنوبي وقمعها للديموقراطية في هونغ كونغ.
كان الاجتماع بين بلينكن وشي بمنزلة علامة إيجابية على إعادة التواصل ورسالة إلى شعبيهما بأنهما على استعداد للتواصل مع بعضهما البعض. سيحتاج البلدان إلى تحقيق التوازن بين مصالحهما وقيمهما، وإدارة خلافاتهما ومخاطرهما، والبحث عن أرضية وحلول مشتركة.
ومن المبشر أن الخطاب العدائي بين الاثنين قد تراجع. ومع ذلك، فإن طبيعة العلاقة بينهما، حيث يمثل كل منهما كتلة تجارية رئيسية بالإضافة إلى مصالح سياسية مختلفة، ستظل محفوفة بالتحديات والشكوك.
ومن وجهة نظري الشخصية، لا يوجد تقدم، ولا توافق، ولا آمال.
[email protected]