هل الغرب يسمح بحرق أعلام المنحرفين جنسيا؟ أو تمزيق نسخة من التوراة او الإنجيل؟ هل مقبول إدانة أو انتقاد الإجرام الصهيوني ضد الفلسطينيين؟ هل من المسموح التشكيك في مذابح اليهود أيام النازية، ونقاشها أكاديميا أو إعلاميا؟ أو حتى طرح أسئلة حولها؟
هذه الأمور مرفوضة عندهم كما يعرف الجميع ومجرمة، ولكن «الغرب» يقول إن من حرية التعبير «حرق القرآن الكريم والسماح به!»، وهذا الأمر علميا خطأ لأنه ضمن مقاييس قوانين الغرب نفسه هي ليست مقبولة، حيث تنص المادة الثانية لشريعة حقوق الإنسان على التالي «يحظر القانون أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف».
إذن، المسلمون يطالبون بما ألزم به الغرب أنفسهم وبما هو موجود في قوانين الأمم المتحدة، وكذلك شرائع حقوق الإنسان الدولية والتي وقعت عليها كل الدول الغربية واعتمدتها، ولكنها «لا» تطبقها على مقدسات المسلمين! وتعمل على تكرار الإساءة للدين الإسلامي والتي تنطلق من تحت «ذريعة» حرية التعبير، وهي ذريعة باطلة، فلا أحد يقبل «حرية للشر»، فهذه الأمور ليست آراء وافكارا، بل هي حركة كراهية تحمل العقدة من الإسلام كـ «دين».
ان عملية حرق القرآن الكريم عمل يتضمن التحريض على التمييز والعداء والكراهية، وبالطبع العنف، بدليل أنه تسبب في مرات عديدة بعنف متبادل وخلق بيئة معادية للمسلمين بصفتهم الجماعية كمسلمين، ويتضمن عنصرية دينية واضحة، وبالتالي هو عمل محظور في القانون الدولي.
من الواضح ان هناك توظيفا لـ «مختل» من هنا، وغريب الاطوار من هناك، او السكوت عن جهة إعلامية من هنالك، وكلها تحت حجة باطلة باسم «حرية التعبير!» و«لا» رأي عند هؤلاء و«لا» فكرة ثقافية يقدمونها بل هؤلاء يقدمون «الشر» والاستفزاز و«الشتم».
إذن، المسألة توظيفية ومستمرة منذ زمن، وواضح ان هناك منهجا متكررا للمسألة، وهؤلاء «لا» يعرفون و«لا» يقدرون ان المسلمين لن يصمتوا ولن يستسلموا، لذلك من خارج الجهات الرسمية للدول الإسلامية كلنا شاهدنا حملات المقاطعة الاقتصادية، وبعدها بدأ التنصل الخجول من هكذا تصرف مشين، وبدأت الاعتذارات من هنا وهناك، وهي اعتذارات نرفضها لأنها تحمل نقيضها في نصوصها وعباراتها، حين يتم ذكر بنهاية الاعتذارات المزعومة، بأنها «حرية للتعبير!». إذن، هذا إصرار على المسألة وتحد أكثر وقاحة من الفعل المشين نفسه لحرق القرآن الكريم، وبه إهانة لذكائنا وتجاوز للقوانين الدولية الغربية كما ذكرنا.
وهنا يأتي واجب الجهات الرسمية الإسلامية لاتخاذ موقف حركي حازم ليس فقط نحو تلك المسألة بل لمنع تكرارها وردع هذه المنهجية المتواصلة من فترة زمنية وأخرى، وكأن هناك من يريدنا ان ننسى ونتغاضى عن قدسية ديننا الإسلامي الحنيف، وهذه القدسية لن يتنازل عنها أي مسلم.