ان هناك تغيرات متسارعة كبيرة تحدث في عالمنا وما هو قناعات قديمة ثابتة في القوة والسيطرة انتهت وأصبحت «متحولة» و«مختلفة» مع الاتجاه الحتمي السائر قطعا إلى عالم متعدد اقطاب القوة العالمية، وهذا واضح لمن يراقب الحدث الدولي وتطوراته من خلال زاوية التحليل «العلمي» «المحايد» والقراءة الجيوبولوتيكية لما سيجري وسيحدث من حولنا الذي يكشف في وضوح اننا نعيش حاليا ضمن «مرحلة انتقالية» سيكون علينا معها مواجهة ما هو «جديد» و«متغير» و«مختلف» في النواحي الأمنية والعسكرية والتجارية والثقافية.
ان من حسن الحظ ان هناك «وعيا» وادراكا موجودين ومتوافرين لتلك المسألة عند القيادات السياسية العربية الذين فهموا واستوعبوا هكذا انتقال ولذلك التغيير، ولذلك هناك ترتيبات تجري على قدم وساق مع هذه الأوضاع الجديدة، حيث تبحث في طبيعة الحال كل دولة عما فيه مصلحتها وما يتماشى مع الانتقال من عالم احادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب ومن هذه الأقطاب «الجديدة» جمهورية روسيا الاتحادية، حيث من الاخبار الممتازة ان هناك تضاعفا لصادراتها إلى دولة الكويت في العام 2023 إلى اربع اضعاف، وكذلك أصبحت روسيا، حسب ما نقلته وكالة «سبوتنيك» الإخبارية الروسية، من اكثر الدول نشاطا كمورد للسلع إلى الكويت، وأشار في هذا الصدد الكسندر دانيلتسيف مدير معهد سياسة التجارة في الجامعة الوطنية الروسية إلى ان صادرات بلاده إلى دولة الكويت تتمثل في منتجات الصناعات بالإضافة إلى المنتجات الزراعية وخاصة الحبوب، وبالتالي أصبحت الكويت سوقا «آمنا» وذات امدادات متواصلة وبعيدة عن أجواء صراعات «الانتقال» الدولية.
من ناحيتنا نقول: ان ما تقوم به الكويت هو مؤشر «إيجابي» وتحركات جيدة وعلينا الإشادة بها مع تمنياتنا في تطويرها للأفضل مع جميع الاقطاب الجديدة، وأيضا الانطلاق الاوسع إلى الدعوة إلى العمل المشترك على مستويات اعلى واكبر، وادخال «الجماعات التجارية المحلية» في الرأي والمشورة والمشاريع ضمن مخططات الدولة الرسمية لكي نتحرك مصلحيا كـ «دولة» و«مجتمع» مع الواقع الدولي الجديد القادم إلى العالم بما يلزمنا ونحتاجه من «أدوات» سياسية وتجارية ومؤسساتية وترتيبات إدارية وتنسيق وتعاون، حتى نكون بذلك مع تلك «الأدوات» قادرين ان نتكيف وان نتعامل مع واقع تعدد الأقطاب ضمن مصلحتنا الوطنية والقومية.
ان هذه «الإيجابية الكويتية» الموجودة في التأقلم والتكيف على خط التنفيذ «لا» تنفصل عن التوجه العام لإخواننا «العرب»، حيث هناك حركة مشابهة ضمن هذا المسار «الصحي» «البراغماتي» مع انضمام السعودية والامارات ومصر إلى منظمة البريكس، هذا كله يؤكد ما ذكرناه في الأعلى عن بعد نظر القيادات السياسية في المنطقة ومؤسسات الدولة العاملة وحيادها بعيدا عن مشاكل الآخرين التي (ليس لنا فيها «لا» ناقة و«لا» جمل).