علينا في البداية أن نستذكر جهود القيادات التاريخية العظيمة في دول مجلس التعاون الخليجي من المؤسسين الأوائل الذين انتبهوا إلى أهمية التعاون والتنسيق الرسمي والشعبي في مختلف المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، وبها انطلقت مسيرة طيبة تعمل على تحقيق الوحدة والتكامل بين هذه البلدان، وهو ما يتم العمل عليه ضمن دراسات وخطط تعمل عليها الأمانة العامة للمجلس، وهي مسيرة «علمية» «مهنية» ذات هدف وتخطيط استراتيجي جاء معها الإعلان عن دخول مشروع الربط لطرق السكك الحديدية السريعة بين الكويت والسعودية ضمن دائرة التنفيذ، حيث سيكون عبر قطار فائق السرعة، أو ما يسمى القطار المغناطيسي أو «قطار الطلقة»، بين الكويت والعاصمة السعودية (الرياض)، وهو ضمن مشروع أوسع وأكثر شمولا لربط باقي دول مجلس التعاون تحت اسم «قطار الخليج» بما يمثل خطوة كبرى في عملية التنقل والتبادل التجاري، خاصة فيما يتعلق بتصدير المنتجات عبر موانئ بعض الدول.
إن العمل على إنجاز الوحدة الخليجية ليس أمرا خياليا، وليس ضمن التمنيات والأحلام، لأن هناك حركة على أرض التطبيق من خلال الانطلاق من هكذا مشاريع ثنائية مرورا بخطط جماعية تشمل باقي الأعضاء، وعلينا ألا نستهين أو نُخفف من أهمية أي ارتباط إداري اقتصادي أو مشاريع تجارية مشتركة أو في النقل البري والبحري والجوي، لأن كل هذه الأمور تصب في النهاية لتحقيق هدف واحد تريده كل منظومة دول مجلس التعاون، وهو إنجاز الوحدة الخليجية، وهو إقليم القاعدة «الحلم» لما يمثله من نموذج منشود من القيادات، وأيضا ما تريده الشعوب.
إن حالة الوحدة ليست إثارة عاطفية، بل هي نظرية علمية تتحرك على ارض الواقع من خلال التخطيط وتراكم التجارب والمشروعات، وهذا هو المطلوب، وليس في المسألة بدعة، فهذه هي أوروبا اتفقت على صيغة إدارية تنظيمية مشتركة فيما بينها، حيث أصبح هناك «مجال حيوي» للعمل والحركة والترتيبات الإدارية ضمن المساحة الجغرافية للاتحاد الأوروبي، والمسألة بكل بساطة هي قوانين وقرارات متفق عليها انطلقت من المساحات المشتركة والمصالح المتبادلة، وصحيح أنها أخذت وقتا منذ انطلاقها كـ «فكرة»، ولكن استمرار الحركة وتراكم القوانين والمشاريع انتهى بعد انقضاء فترة زمنية معينة إلى تحقيق الاتحاد الأوروبي، وهذا ما نأمل تحقيقه في واقعنا الخليجي لفائدة الجميع، حيث إن أقل فائدة يمكن جنيها وتحصيلها ضمن الوحدة الخليجية المشتركة هي ضمان تحقيق وتنفيذ الثنائية الصعبة، والتي هي ضمان الأمن والتنمية المستدامة، والبناء على ذلك لزيادة فوائد ومنافع الوحدة إلى أقصى مدى.