تتحرك في الأوساط الغربية خارج عالمنا العربي موجة جديدة تتعلق بمسألة «تقبل السمنة» FAT ACCEPTANCE بوصفها «رغبة شخصية» و«قرارا فرديا» و«حرية ذاتية» خاصة بالإنسان، مع رفض كل ما يقال «طبيا» وعلميا والثابت احصائيا من أضرار وتبعات السمنة على البشر من مشاكل القلب والشرايين ومرض السكري وعدد من السرطانات وغيرها من الأمراض المزمنة، وهذا طبعا كلام غير مسؤول ومضر وغير منطقي، وناهيك على انه سيشكل على المديين المتوسط والبعيد عبئا مضاعفا وضغطا على النظام الصحي، ناهيك عن التكلفة المالية المستمرة لمعالجتها وهذا ضرب لموارد الدولة.
لعل أحد أسباب انتشار هذه الموجات في «بعض» البلدان الغربية هو غياب «أنظمة صحية حكومية» و«فقدان دولة الرعاية للمواطن»، حيث إن النظام الصحي العام في الغرب «ضعيف» من دون تركيز على الجانب الوقائي، ويتم ربط تكاليفه المالية بعضها أو كلها على المواطن، وليست الدولة في صورة مباشرة أو غير مباشرة، على العكس من حالنا في دول الخليج والكثير من دول العالم.
أحد مخاطر حملات «مضللة» كهذه أنها ترفض القبول بالحقائق الطبية المثبتة إحصائيا، وتتجاهل أضرار السمنة على الصحة وهي تدخل في جدليات لا معنى لها، والأخطر ليس ذلك بل هو أن موجة «الاعتزاز في البدناء» وربطها بالحرية الشخصية!
من باب خبرتي العملية وممارستي للطب في الكويت والمملكة العربية السعودية والجمهورية اللبنانية وكذلك في بريطانيا وجدت أن هناك أمورا مشتركة بين هذه البلدان ومن يعاني من السمنة فيها، حيث إن علاجها «صعب» ويتطلب تغييرا جذريا في نمط حياة الإنسان، وتتطلب الكثير من الصبر والمثابرة، والنتائج طويلة المدى زمنيا.
ناهيك عن أننا في هذه البلدان لمثل هذه الحالات كنا نعمل ضمن فريق طبي متكامل يشمل أطباء الغدد الصماء وفنيي التغذية والمعالجين السلوكيين والنفسيين والزملاء الجراحين.
لذلك، إن انتشار أفكار كهذه في «تقبل السمنة» FAT ACCEPTANCE قد يجعل المريض يتوقف عن محاولة علاج السمنة بالطرق الطبية العلمية المعروفة ويتوجه الى من يبيع له الوهم، والذي للأسف سينتهي به الى الدخول في دوامة الأمراض المزمنة والموت المبكر، لا سمح الله.