لن أتكلم عن الماضي فالكل يعرفه، ولن أتكلم عن الحاضر فالجميع يشعر به، بل سأطلق العنان لمخيلتي ربما أستبق الأحداث، متسلحا بأسباب وأدلة نستنتجها من سيناريو فيلم نشاهده بمخيلتنا، شريطة ألا تدخل عواطفنا وحماسنا بالحكم على ما نشاهد.
أمامنا في الوقت الراهن شخصيتان:
1- شخصية الإنسان الفلسطيني…
2- شخصية المغتصب الصهيوني الذي خدعوه بقولهم تعال لأرض الميعاد، فجاء من شتات الأرض، بجيبه اليمين جنسيته الأصلية، وفي الجيب الآخر جنسيته الجديدة (الإسرائيلية) ليعزز الاغتصاب، فوفروا له كل شيء، ثم جعلوه جنديا مرتزقا، يعمل براتب وساعات عمل ثم يعود لبيته الثاني، أما بيته الأول والأصلي فهناك خارج فلسطين، فهو كالشجرة جذورها ببستان وأغصانها المثمرة ببستان آخر، فإن تقطعت تلك الأغصان لا يؤثر عليه، يعود لأصله، لذلك فالشخصية الصهيونية تشعر بأنها تنتمي إلى وطنين، لذلك تتمسك بالحياة وتخاف الموت، وتخشى خسارة كل ممتلكاتها.
أما الشخصية الفلسطينية فأصلها ثابت، فهو إنسان ولد في فلسطين وجذوره لا تخرج من أرض فلسطين، ولد من أب وأم فلسطينيين اغتصب وطنهم وسرق حقلهم، واستبيح بيتهم، وطردوا من حييهم وحارتهم، وتبدل بيتهم الاسمنتي، بخيمة ممزقة، لا تقيهم البرد ولا الشمس، يومهم كأمسهم، تجمد تفكيرهم على الماضي، ولم يتقبل عقلهم الحاضر، وينطفئ ضوء المستقبل في أعينهم، تجرعوا الصبر بكل نفس وشهيق، لم يقنطوا من رحمة الله، انتظروا الأمل بكل طلعة شمس، رغم محاولات إدخال الشوائب إلى قضية فلسطين النقية، وادعاء البعض ان المسجد الأقصى في السماء وليس بأرض فلسطين، لكن هذا الفلسطيني الجريح يبحث عن شعرة أمل ليسترد ماضيه، وطنا وحقلا وبيتا وأهلا ومستقبلا، إنه الآن كالريشة يلعب بها الهواء لا تعلم متى وأين تستقر، فلو شققنا قلب أو عقل أي فلسطيني نجده مختلفا، حيث لا تجد عروقا أو أوتارا تربطه بالحياة الدنيا مثل غيره، تساوت عنده الحياة مع الموت، خسر كل شيء ولم يبق له شيء يندم عليه، فالوطن اغتصب، والبيت والأهل والأولاد استشهدوا، والعرب والغرب عليه تكالبوا، لم يبق له إلا ذراع وزند، ودم بالعروق ينبض، ونار بالعقل والقلب تغلي، وثأر وانتقام لمن جعل وجوده على أرضه محرما، لهذا سيخرج هذا الفلسطيني من تلك الحرب، حاملا ثأرا لمن اغتصب منه كل شيء، أصبح بمفرده جيشا بكل ألويته، لا يثق بأحد إلا بنفسه، ولا ينتظر من أحد ينتقم عنه.
هكذا من المتوقع أن ينتقم هذا المظلوم الجريح ممن ظلمه بكل وسيلة ومجال، لن تمنعه قوانين ولا أعراف ولا عواطف إنسانية، لقد سلخوا منه وظائف العقل، والمشاعر العاطفية، فأصبح كالآلة يعمل ولا يفكر، ولا يخشى على شيء فليس لديه شيء يخسره، فالقادم هو الفلسطيني المنتقم يحمل في عنقه ثأر وطنه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه والأرض التي كانت تؤويه، والبيت الذي كان يحميه، إن ما بعد حرب غزة ستكون سنوات عجافا سيشهدها العالم، فهناك شعب قادم للانتقام عاش قرنا من الزمان لم يجد من ينصفه ولو بقانون الطيبين «راعي النصيفة سالم».
[email protected]