يحدثني أحد الأصدقاء أنه كان يلعب لعبة بهاتفه النقال، واللعبة الواحدة تأخذ منه قرابة الـ 15 دقيقة، فوصل به الحال إلى أنه بلغ قرابة 1000 انتصار غير المراكز الأخرى التي حصل عليها، فلو حسبناها كحسبة بسيطة 1000 انتصار «وهمي» ضرب 15 دقيقة، سيخرج لنا الناتج بـ 15000 دقيقة، تقسيم 60 دقيقة، سيخرج لنا ناتج بـ 250 ساعة، أي ما يعادل 10 أيام ونصف.
من يتابع مباريات كرة القدم وغيرها من الرياضات، وسأتحدث عن نفسي كنت والكثير غيري نتابع في اليوم الواحد من ثلاث إلى أربع مباريات، واستمر بنا الحال على هذا الشيء أكثر من عشر سنوات، فلو أخذنا حسبة بسيطة وحسبنا عدد الساعات التي قضيناها أنا وغيري في مشاهدة هذا الكم الهائل من المباريات لوجدنا العجب العجاب.
وكذلك مشاهدة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، الكثير من المتابعين شاهد ما لا يقل عن عشرات المسلسلات والتي قد تمتد لـ 100 حلقة وزيادة، بل إن البعض يفتخر بأنه شاهد قرابة الـ 50 مسلسلا عربيا وتركيا وأجنبيا، فلك أن تتخيل العدد الهائل من الساعات التي تم إهدارها فيما لا يفيد في الغالب.
هدر أوقات، وإضاعة أعمار، وإهمال للصحة، وعلاقات أصابها الفتور، وواجبات لم يكتب لها الاكتمال، وصلة أرحام قطعت، ومشاريع تجارية خسرت، والسبب هدر أوقات كثيرة فيما لا ينفع.
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه».
هناك دراسة بسيطة أجريت عن الوقت المهدر من قبلنا في التنقل بين وسائل التواصل الاجتماعي، الدراسة تقول إن الوقت الذي يقضيه الناس في التنقل بين برامج التواصل الاجتماعي يعدل قرابة الـ 200 صفحة من كتاب يقرؤه الشخص باليوم الواحد.
كم كتاب مفيد، أو شريط رائع، أو دورة علمية، فوتها الكثير منا بسبب اللهو المباح لن أقول اللهو المحرم، لأنه بديهي عدم جواز صرف الأوقات فيها، لو أحسن الواحد فينا استغلال وقته بما يفيد لوجد نفسه بعد فترة من الزمن، على قدر كبير من الثقافة والمخزون المعرفي.
لا يوجد مانع من الترفيه عن النفس ولكن ليكن بقدره، ولا يوجد مانع من الترويح عن النفس كذلك ولكن باعتدال، فالأوقات التي تهدر والأعمار التي تضيع سيسألنا الله عز وجل عنها.
[email protected]