الرقي سمة مميزة، وتعني اللباقة والذوق الرفيع والدقة في السلوك والتصرفات مع الآخرين، وهو أسلوب مميز في الكلام وطريقة التعبير والقدرة على التأثير في الآخرين.
الرقي ان تترك أثرا مميزا عند من تتعامل معهم، وبالتالي فإن فهم المرء الحقيقي لمعنى الرقي ينعكس إيجابا على حياته ومحيط عمله، بيئته وعلاقاته مع الآخرين.
تكمن أهمية الرقي في كونه يزيد من ثقة المرء بنفسه ومن رضاه عن حياته، بحيث يخلق انطباعا جيدا عنه وعن شخصيته، كما أن تصرفات المرء الراقية تسمح للآخرين بتقبلها بسرعة والرغبة في التعامل معه واحترامه وتقديره ايضا.
فالأخلاق والمبادئ السامية تظهر أخلاق الإنسان الراقي ومبادئه من خلال كلامه وأسلوبه ونقاشه وتصرفاته وتعامله مع الآخرين، مثل ابتعاده عن المكر والخداع والقدح، والتعامل مع الناس بصدق وأمانة، واحترام جميع الأشخاص باختلاف أعمارهم وأديانهم ومعتقداتهم ومكوناتهم، ويظهر حب المساعدة والتعاطف مع الآخرين،
إضافة إلى تقديمه للمدح والثناء عند التعامل مع غيره، فحين ملاحظة تصرف ما أو أمر يستحق المديح والتقدير لا بد من أن يثني على هذا الأمر، فذلك من شأنه أن يشعر الآخرين بالرضا والسعادة، كما أنه يقلل من الحواجز والتكلف بينه وبين الأشخاص، مما يساعدهم على التواصل معه بشكل أفصل ويترك لديهم انطباعا جيدا حول صفات هذا الإنسان كالثقة بالنفس والتعبير عنها بلغة الصدق، مما تجعل الإنسان الراقي يثق بنفسه أكثر وبتصرفاته وقدراته ومهاراته بصورة أكبر، وشخص كهذا لا تزعزع ثقته المواقف العابرة أو آراء الآخرين وانتقاداتهم حوله، فهو يعرف نفسه جيدا، ويعرف ما يحتاج اليه ويرغب فيه وما لا يحتاج اليه، كما أنه يكون فخورا بنفسه وبما هو عليه وبما يقدمه من إنجازات، وتظهر ثقته بنفسه من خلال الشعور بالارتياح والثقة والصدق والأمانة والحفاظ على ابتسامة طبيعية وتواصل بصري خلال الحديث مع الآخرين.
ودائما ما يتصرف الإنسان الراقي بتصرفات تظهر ذكاءه وقدرته على التعامل مع المواقف بحكمة ونباهة، والتي تأتي نتاجا لممارسته لبعض الأمور التي تزيد من معرفته، ومشاركته في النقاشات المثمرة وقدرته على الإقناع والاتفاق والاختلاف مع الآخرين، وقدرته على إدراك أخطائه والاعتراف بها والاعتذار عنها ايضا، لأن هذه الأخطاء جزء من عملية نضج الإنسان وزيادة وعيه.
كما يركز أيضا على الملاءمة بين الأمور التي تعكس رقي شخصه وذاته، إضافة إلى اعتماده على البساطة في جميع أمور حياته، يترفع عن سقط الكلام، ولا يعتقد أنه افضل من البشر، غير متكبر أو متعجرف، محبوب، متواضع وجميل لدى الغير وغير متكلف.
إنه غير انتهازي أو ناكر للفضل والجميل، ولا يؤذي نفسه وغيره بتعليقات خارجة عن المألوف، أو يستخدم انتقادات جارحة، ويراعي كثيرا مشاعر غيره في شتى المواقف والظروف.
هو كذلك لبق، يفكر مليا قبل التسرع بالتصرف أو الكلام، ولا يبالغ في ردود أفعاله، متزن، يحافظ دائما على هدوء أعصابه قدر الإمكان، يتجاوز معظم المشاكل والمواقف البسيطة والتي لا تستحق الانفعال، ولديه اسلوب راق في حل المشكلات والتي قد تحدث مع من حوله، وبطريقة منطقية وبحكمة وهدوء وحيادية، ويبتعد عن التعصب واستباق الأحداث وإطلاق الأحكام.
دائما ما يعكس صورة حضارية عن نفسه في مختلف المواقف والظروف وعند التعامل مع شتى أنواع البشر، فمن العلو أن يكون المرء راقيا في سلوكه وكلامه وتصرفاته مع الجميع.