خـــالي البــال هو الـذي لا يشغله شاغل، الخالي الذهن، المطمئن القلب والمرتاح، ومن منا خالي البال؟ ولكنا نسلم أمرنا لله تعالى ونرضى بنصيبنا من هذه الدنيا ونجعل القناعة شعارا ودثارا لنا، وما أجمل قول الشاعر:
دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتن إلا خالي البال
ما بين غمضة عين وانتبهاتها
يغير الله من حال إلى حال
نعلم تمام العلم أن ليس أحد في هذه الدنيا لا يحمل هما في قلبه إلا القليل، فالدنيا لا تترك أديما إلا ومزقته ولا سليما إلا أسقمته، وكم وكم نتمنى ألا نحمل هما وأن ننام براحة بال، ولكن للأسف فالظروف المحيطة بنا تجعلنا نفكر ونهتم بكل ما حولنا من حروب ومحن وويلات وكوارث أزهقت الأنفس وأكلت النسل والحرث ودمرت الأخضر واليابس.
كل ذلك نراه بالعين المجردة امامنا، فنتحسر ونتألم، وندعو الله عز وجل أن يحفظ هذا الوطن العزيز من كل شر، وان يتم علينا نعمة الأمن والأمان، وان تنتهي هذه الكوارث وتذهب إلى حيث لا رجعة، وان يعم السلام أرجاء الدنيا، فنحن دار أمن وسلام ونتمنى السلام للجميع، كان المناذرة ملوكا حكموا العراق قبل الإسلام عاصمتهم الحيرة، وكان لهم نفوذ كبير على العرب بدأ ملكهم بعمرو بن عدي عام 268 ونـهاية بآخر ملوكهم النعمان بن المنذر عام 610، سادوا ثم بادوا فقال الأسود بن يعفر النهشلي الدارمي التميمي:
نام الخلي وما أحس رقادي
والهم محتضر لدي وسادي
من غير ما سقم ولكن شفني
هم أراه قد أصاب فؤادي
ماذا أؤمل بعد آل محرق
تركوا منازلهم وبعد إياد
أهل الخورنق والسدير وبارق
والقصر ذي الشرفات من سنداد
جرت الرياح على مكان ديارهم
فكأنما كانوا على ميعاد
فإذا النعيم وكل ما يلهى به
يوما يصير إلى بلى ونفاد
ولا تدوم نعمة إلا بحمد وشكر للواهب الكريم، كفانا الله وإياكم شر الهموم وأتم علينا نعمته، ودمتم سالمين.