تكتنز جزيرة فيلكا الكويتية بالعديد من الآثار والتراث الثقافي الإنساني والتي من بينها ما يشهد على عبور الحضارة اليونانية القديمة إليها مرورا إلى سائر أقطار دول المجتمع الدولي الحديث المتأثر بتلك الحضارة العريقة سواء بطرازها العمراني أو بفلسفتها الثقافية وتطورها المعرفي والاجتماعي، فالألعاب الأولمبية الدولية التي تابعنا فعالياتها ومسابقاتها الفترة الماضية يرجع جذورها إلى أثينا ما قبل الميلاد، حيث ارتبط أجواء الاحتفال بها قديما ببعض الطقوس الدينية الوثنية بحسب الاعتقاد الغالب على تلك المدنية آنذاك، مما ندد في بقائها واستمرارها على مر العصور.
إلا أن تلك الفكرة الرائدة التي رسخت الحق في الرياضة ظلت تساور العديد من المثقفين، خصوصا في نهاية القرن التاسع عشر، ما دفعهم إلى إحيائها بشكلها الحديث من إقامة حدث رياضي دولي يتجاوز كل الفروقات الثقافية والعرقية والسياسية تحت مظلة واحدة، وبشكل دوري تنافسي تتاح فيه المشاركة لكل الرياضين الممثلين عن دول تتمتع بالسيادة والاعتراف الدولي، إعمالا بمبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص ونبذ العنصرية لنشر السلام والوفاق الدولي.
فالرياضات بأنواعها لغة ناطقة جامعة لسائر البشر ولها انعكاساتها المتباينة على السياسة والاقتصاد والديبلوماسية الدولية، فاستخدام تلك المعادلة المرنة على النحو الإيجابي الداعم للحقوق الأساسية يلبي الغرض الإنساني المشروع من النهوض بالإنسان المعاصر على كل مستوياته، أما الأخذ بها بمنحنى تصفية نزاعات فكرية أو سياسية أو فرض ايديولوجية معينة دون احترام لسائر الثقافات المتنوعة والمعتقدات الأثنية المتعددة لشعوب العالم يشكل خرقا دوليا إلى جانب الإخلال التنظيمي من عدم وضع معايير موحدة ومبادئ توجيهية محددة عامة لمشاركة الرياضيين الذين لديهم إشكالية في الهوية الجندرية أو المدانين أخلاقيا. وهذا بمجمله شكل زمرة لممارسات سلبية للحركة الأولمبية اذا تركت دون معالجة واعية ستنزع من تلك الألعاب متعتها وتفسد الاهتمام بها وتهدر مكانتها الدولية.
[email protected]