قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات، بدأ المستشار الألماني الاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتس حملته الانتخابية أمس بمهاجمة منافسه المحافظ فريدريش ميرتس، لاسيما فيما يتعلق بدعم أوكرانيا.
وبعد أسابيع من انهيار ائتلافه الثلاثي وسط تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي، تعهد شولتس بهزيمة ميرتس زعيم الحزب المسيحي الديموقراطي والمرشح الأوفر حظا حاليا. وقال شولتس خلال تجمع لأعضاء من حزبه «لقد أسقطنا بعض الحسابات بالفعل»، قبل أن يتعهد بأن ينتصر في انتخابات 23 فبراير مثلما فعل قبل ثلاث سنوات عندما تولى السلطة من المستشارة السابقة المحافظة أنغيلا ميركل.
من جانبه، شن ميرتس هجوما حادا على تحالف شولتس المنهار مع الخضر والديموقراطيين الأحرار، واتهمه خلال اجتماع حزبي بدفع أكبر اقتصاد في أوروبا إلى حافة الهاوية نتيجة انعدام الكفاءة والإفراط في سن القوانين المقيدة.
كما انتقد بشدة السياسات «الفوضوية والخاطئة» التي تقود الاقتصاد إلى التباطؤ للعام الثاني تواليا، مع تسريح العديد من الشركات الكبرى آلاف العمال.
وقال فريدريش ميرتس، وهو مليونير وعضو مجلس إدارة سابق لصندوق استثماري، إن الشركات القوية والمزدهرة فقط هي القادرة على إحداث النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل، «وإلا فإن كل الأحلام.. ستنفجر مثل فقاعات الصابون».
حرب أوكرانيا
وفيما يتعلق بأوكرانيا، تعهد أولاف شولتس بتقديم دعم مستدام لكييف في الحرب ضد روسيا، ولكن أيضا اتباع مسار حكيم من شأنه أن يمنع حلف شمال الأطلسي (ناتو) وألمانيا من التورط مباشرة في النزاع.
وفي عهده، أصبحت ألمانيا ثاني أكبر مورد للأسلحة إلى أوكرانيا، لكنها رفضت منح كييف صواريخ بعيدة المدى لضرب عمق الأراضي الروسية.
وقال شولتس إن ميرتس «يريد أن يقدم للقوة النووية الروسية إنذارا نهائيا.. مفاده بأنه إذا لم يفعل الرئيس فلاديمير بوتين ما تريده ألمانيا فإن الصواريخ الألمانية ستطلق من الغد نحو عمق روسيا».
وأضاف الاشتراكي الديموقراطي الذي يخوض حملته الانتخابية تحت عنوان «مستشار السلام»، إن «كل ما أستطيع قوله هو: صونوا أمن ألمانيا، لا تقامروا به».
لكن في الآن نفسه، دان شولتس الأحزاب اليمينية واليسارية الألمانية الموالية لروسيا والتي تسعى إلى تحقيق سلام بشروط موسكو.
واعتبر أن حزبه الاشتراكي الديموقراطي هو الوحيد «الذي يدعم أوكرانيا بوضوح وفي الوقت نفسه يضمن عدم انخراطنا في الحرب».
وتابع شولتس «في مسائل الحرب والسلام، يحتاج المرء إلى عقل هادئ وموقف حازم»، منددا بزعماء الأحزاب المتطرفة «ذوي اللسان الحاد» وبـ«زعيم المعارضة الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته».
تعثر الاقتصاد
من جهته، طالب فريدريش ميرتس بإدخال «تغيير جذري» على السياسة الاقتصادية، من دون «نزعة تدخلية بيئية في كل مجال من مجالات الحياة، وفي كل شركة، وفي كل صناعة».
كما انتقد «البيروقراطية الفظيعة» التي تعوق الشركات والأفراد على المستوى الوطني وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، مشيرا خصوصا إلى فكرة «سخيفة» صدرت مؤخرا من بروكسل لحظر التدخين في الفضاءات المفتوحة.
في المقابل، انتقد أولاف شولتس مطالبة حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي بخفض الضرائب على الشركات، ووصفها بأنها «وصفة جاهزة دائما، بغض النظر عما يحدث في العالم».
وأضاف «يذكرني ذلك بالطبيب الذي يصف لمرضاه دائما الأدوية نفسها بغض النظر عما إذا كانوا يعانون من السعال أو كسر في القدم».
كما أشار شولتس مرارا إلى الثروة الشخصية لميرتس ووعد بالدفاع عن العمال، متعهدا بمعاشات تقاعدية مستقرة، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وإعفاءات ضريبية لـ 95% من أصحاب المداخيل، وزيادة الضرائب على أغنى 1% من السكان.
كما استحضر المستشار إرث أنغيلا ميركل، قائلا «لا علاقة لحزب ميرتس المسيحي الديموقراطي بحزب ميركل المسيحي الديموقراطي. لقد تم تهميش جناحه الاجتماعي بشكل كامل».
الهجرة
وطرح المرشحان رؤى مختلفة بشكل حاد بشأن الهجرة، وهي قضية حساسة عززت شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الذي يحظى حاليا بنحو 20% من نوايا التصويت في استطلاعات الرأي.
وتعهد ميرتس أن «نبذل قصارى جهدنا للحد من الهجرة غير الشرعية إلى ألمانيا»، وكرر تعهده إجبار أولئك الذين ليس لديهم فرصة للحصول على اللجوء على مغادرة ألمانيا.
من جهته، وصف شولتس المزاعم عن فشله في اتخاذ إجراءات بشأن الهجرة غير النظامية بأنها «أكاذيب»، واتهم ميرتس بأنه «مهتم فقط بالحملة الانتخابية وليس بالإنسانية والنظام».
واعتبر أن منافسه «لا يقبل حقيقة أن ألمانيا كانت منذ فترة طويلة دولة هجرة» حيث ربع السكان لديهم خلفية مهاجرة.
وحذر ميرتس من أنه ما لم تتمكن الحكومة الجديدة من استعادة الرخاء والاستقرار، فإنه بحلول الانتخابات المقبلة عام 2029 «سيصبح الشعبويون من أقصى اليسار وأقصى اليمين، وخصوصا الأخير، أصحاب الغالبية في برلماننا».