مع انتهاء انتخابات 2012، بدأت عملية قراءة النتائج والتي أبرزها عدم وصول أي سيدة للبرلمان، إذ عاد البرلمان الكويتي كما كان قبل إقرار حقوق المرأة السياسية، ناديا للرجال فقط. ويأتي السؤال: لماذا لم تدخل أي سيدة للبرلمان هذه المرة؟
لعل السبب الاول يتعلق بما تم ترويجه من ضعف أداء النائبات السابقات، وان أغلبهن لم يكن موفقا في اختيار المواقف التي تعكس رغبة الشارع، بل وارتمى بعضهن في أحضان الحكومة، فجرى عليهن ما جرى على غيرهم من النواب الرجال المشابهين في الموقف السياسي، إذ سقطوا جميعا.
هذا التحليل وإن لم يخل من الصدق، فإن العتب فيه ليس على آداء النائبات ومواقفهن، بل على ترويج مقوله مفادها «وبذلك نكون قد أعطينا المرأة فرصة ولم تثبت جدارتها»، وبالتالي لم تتم فقط معاقبة النائبات السابقات، بل تمت معاقبة جنس المرأة بالعموم.
والسبب الثاني هو الفتاوى التي انتشرت بين الناس تحرم التصويت للمرأة المرشحة. هذه الفتاوى كان أصحابها هذه المرة المعتدلين من المشايخ الذين هم محل قبول من أغلب الناس. المؤسف ان هذه الفتاوى أبرزها التلفزيون وأبرزتها الصحافة في صفحاتها الاولى، بل وتم توزيعها على البيوت ضمن مجموعة فتاوى أخرى تحرم إعطاء الصوت للمرتشين والفاسدين.
والسؤال هنا: هل من الإنصاف استخدام الفتوى ضد المرأة في قضية لم يحسمها الشرع، وتتحمل وجهتي نظر إحداهما مؤيدة والأخرى معارضة؟
السبب الثالث هو ان هذا المجلس جاء بعد حل المجلس السابق، وترتب على ذلك ان ذوق الناس في الغالب توجه لشخصيات كانت فاعلة وبصوت مسموع في ساحة الإرادة، ولما كان حراك المرأة ضعيفا في تلك الاحداث، فقد اثر ذلك على اختيار الناس لها. والسؤال هنا: هل نتعامل في حياتنا السياسية بردات الافعال؟ ألسنا بحاجة لإدخال عناصر اعتدال كالمرأة، لعل ذلك يطيل عمر هذا المجلس الساخن؟
السبب الرابع ما يتداوله الناس من ان انتخابات 2009 شهدت دعما عاما للمرأة مصدره رغبة الناس في إعطائها فرصة الدخول للبرلمان وممارسة حقها السياسي الذي نالته من فتره قريبة آنذاك. أما في هذه الانتخابات فقد تركت المرأة بدون هذا التسويق والدعم. إن صح هذا الكلام فالحديث الذي تتداوله بعض السيدات عن ضرورة وجود «الكوتا» هو حديث منطقي، والانتخابات القادمة ستكون الحاسمة في ترجيح اي من الرأيين.
السبب الاخير ان المنافسة بين المرشح الرجل والمرشحة المرأة دائما غير متكافئة. ففي حين يتواصل الرجال بعضهم مع بعض طوال العام بالدواوين، لا توجد للنساء أماكن تجمع ثابتة ورتيبة، ويبقى دخول الديوانية أسلس للرجل منه للمرأة. كذلك فتأثير الرجل على المرأة مازال قويا بين بعض الفئات الاجتماعية، اذ يستطيع الرجل ان يتحكم في أصوات نساء أسرته ويتحكم في اختيارهن للمرشح بسهولة، وهو ما يجعل المرأة تؤكد ان الرجل يتفوق عليها في الأدوات التي يمتلكها في الانتخابات.
ختاما، أمامنا كمجتمع الكثير لنقوم به إذا كنا جادين في دعم المرأة لأن تكون شريكا في الحياة السياسية، فالقضية ليست ان أعطي المرأة حقها، بل ان أدعمها وأمكنها من ممارسة هذا الحق بكل تفاصيله.
[email protected]