قطاع العمالة والموارد البشرية من اساسيات الاقتصادات الحديثة، فالاقتصاد المعاصر يعتمد على العامل المعرفي بسبب التقدم التكنولوجي، فكلما ارتفع مستوى العمالة في الاقتصاد من ناحية التعليم والمهارات التكنولوجية والحرفية ارتفع مستوى الاقتصاد وزادت انتاجيته حتى بدون توافر المواد الاولية فهناك دول مثل كوريا الجنوبية واليابان ليست لديها مواد اولية ولكنها من خلال الاعتماد على الموارد البشرية استطاعت ان تصل الى مصاف الدول المتقدمة وماليزيا عندما استغنت عن الاعتماد على المواد الاولية ووضعت استراتيجيتها لتطوير الموارد البشرية ارتقت الآن الى مصاف الدول الصناعية، يقول بيتر دركر عالم الادارة المعروف «نعتمد في التقدم الغربي وتطور اقتصاداتها على العامل المعرفي فكلما قلت اعدادنا في العمالة المعرفية كلما زاد من امكانية تأخرنا عن ركب التقدم»، في الكويت اهتم الدستور الكويتي بقطاع العمالة بعدة مواد من الدستور الكويتي ولكني سأكتفي بالمادة (41) التي نصت على «لكل كويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه، والعمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، وتقوم الدولة على توفيره للمواطنين وعلى عدالة شروطه» ونصت المادة 8 على «تكافأ الفرص للمواطنين» ونصت المادة 26 على «الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في اداء وظائفهم المصلحة العامة...» بالرغم من اهتمام الدستور ببناء قطاع عمالة متطور وتنظيم هذا القطاع لدعم الاقتصاد الوطني الا ان قطاع العمالة في الكويت يمثل الوجه الاسود للاقتصاد الكويتي، وهو السبب الرئيسي في انتكاسة التنمية في الكويت وذلك للاسباب التالية:
1 ـ واضح جدا ان الكويت لا تملك استراتيجية لتنمية الموارد البشرية بل ان موضوع الموارد البشرية اصبح في تراجع على مستوى مؤشرات الامم المتحدة وبعد ان كنا الدولة العربية الاولى في هذه المؤشرات اصبحت دولتا الامارات العربية وقطر تسبقانا على مستوى هذه المؤشرات، كما ان الخطة التنموية التي اعتمدت من مجلس الامة تجاهلت موضوع تنمية الموارد البشرية وهو من اهم قواعد التنمية.
2 ـ الدول المتقدمة بالاضافة الى المنظمات الناجحة لابد ان تمتلك خطة قوى عاملة على الاقل للسنوات العشر القادمة تحدد فيها نوعية القوى العاملة المطلوبة حتى تتهيأ لذلك المؤسسات التعليمية بالاضافة الى مؤسسات التدريب وتهيئة هذه القوى العاملة لموافقتها لمتطلبات الخطة على سبيل المثال ان تفضي دراساتنا الى الحاجة في السنوات العشر القادمة الى 10000 طبيب و20000 مهندس 30000 خريج ادارة وهكذا بذلك يكون للمؤسسات التعليمية خط ومسار واضح لحاجة ومتطلبات السوق.
3 ـ احصائيات القوى العاملة مذهلة وتدل على فساد المنظمات التي تشرف على ادارة هذا القطاع ففي دراسة لمكتب الامم المتحدة الانمائي في الكويت عن العمالة يذكر ان 16% من الناشطين الكويتيين في قطاع العمل، 92.2% في القطاع العام و1.6% في القطاع الخاص، ويعمل منهم 90% في قطاع الخدمات 45% في وظائف مكتبية و16% في وظائف ادارية واشرافية وفائض العمالة في القطاع العام ما بين 50000-75000 من العمالة الكويتية، واما العمالة الوافدة فيمثلون 84%من اجمالي قوة العمل وفي القطاع الخاص تمثل العمالة الوافدة 98.4% من اجمالي قوة العمل، وتشير الدراسة الى ان العمالة الوافدة 75% منهم اميون او حملة مؤهلات بسيطة او متوسطة وان 4 من 5 منهم راتبهم يقل عن 150 دينارا.
www.waleedalhaddad.com