لعل التوتر الطائفي السني -الشيعي أصبح واضحا تماما في مجتمعنا، بل أصبح كبركان صامت تنسكب مواده الحارقة في كل مناسبة، وأصبحت الطائفية جزءا مهما من فهم ومعالجة أي نزاع سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي. وأن ما نراه في الإعلام هو وجه من وجوه هذه الفتنة والتفاعل معها، إذ لا نلبث أن نجد الكتابات تحولت ليس فقط إلى كتابات طائفية، بل إلى شتم وتخوين ورغبة معلنة في القتل.
إن أسباب هذا الشحن بات واضحا، أساسه انعكاس لأحداث خارجية منها أحداث العراق ولبنان والبحرين وسورية، وأسباب داخلية منها سفهاء من كلا الطرفين يتكفل كل منهما بإيقاد الشرارة التي سرعان ما تشتعل، يواكب ذلك ضعف معالجة الحكومة لهذا الصراع وتركه ليعالج نفسه بنفسه، ولا أدري من أقنع حكومتنا بأن ترك الجروح يشفيها.
وفي هذا المقال أطرح بعض النقاط على طريق استيعاب هذه الحدة الطائفية وتخفيفها، داعية الحكومة الى تحرك جاد. فمن الحلول السريعة ضرورة جلوس عقلاء الشيعة والسنة لحوار يهدف بالدرجة الأولى لإلزام كل طرف بأن يبادر هو بتهدئة من معه وضبطهم. وعلينا هنا أن نتصارح أن الاعتقاد المذهبي شيء والشتم المتبادل شيء آخر، وان ما يقوله سفهاء الطرفين هو ولا شك يعكس ما يدور في الجلسات الخاصة بل والعامة لكل فريق، وهذا مكمن البلاء والتحريض.
ومن الحلول المهمة وضع معالجة قانونية لمن يتهجم على الآخر ويبث الكراهية، داعين أن يطبق القانون بالمثل على المسيء من كلا الطرفين. وكذلك يجب أن تتجه الدولة عموما إلى العدالة الاجتماعية ورعاية مصالح كل مواطن بعيدا عن انتمائه كأساس من أسس استقرارها، لأن العدل هو أساس الاستقرار. كما لابد من مركز دراسات نفسية واجتماعية لنعرف سبب ازدياد العنف اللفظي والجسدي، وانحدار لغة الحوار والتفاهم.
ومن الحلول طويلة الأمد وضع خطة تربوية وإعلامية تهدف إلى ترسيخ قيم المواطنة واستيعاب بعضنا لبعض. علينا ان نستوعب تعدد أصولنا وتفاوت تاريخ هجرتنا للكويت وتفاوت مذاهبنا وغيره. ان استمرار التجريح والمزايدة والمعايرة الاجتماعية هي جروح قد لا تلتئم بسهولة، وإذا كان هذا الصراع قد اخذ صورة الصراع المذهبي اليوم فهو قد يلبس اي ثوب آخر في المستقبل كما فعل في الماضي. وأخيرا لابد من إشغال الناس بالخير، وفتح أبواب العمل المنتج أمامهم، فالفراغ هو الأرض الخصبة التي ينمو فيها القيل والقال.
ختاما اتمنى من نوابنا الأفاضل ان يكونوا أداة خير وبناء وتهدئة، بدلا من شرعنة الخلافات وتأجيجها وحمايتها، فالمفترض أنهم العقلاء الذين يقودون هذا البلد لمزيد من التنمية والاستقرار، والله الموفق لكل خير.
[email protected]