لماذا الفاسدون في الكويت دون سائر البلدان والجزر لهم نصيب كبير من الشهرة وتقام من اجلهم الندوات وتدبج في سيرتهم المقالات ولا تزيدهم تلك الموالد والهجمات إلا خلودا في الأرض وتمكينا في السلطة وكأنما التعريض بهم ونقدهم ما هو إلا أوسمة نصر ونياشين فخر حتى وصل الناس إلى يقين بأن ما يقال عنهم من انتقاد وفضائح ما هو إلا شهادة بنزاهتهم وكفاءتهم وهذا يقودنا إلى احتمالين: إما ان تلك الاتهامات كاذبة ومحض افتراء أو ان الفاسدين يملكون ذكاء خارقا يحميهم من كل دليل يستخدم ضدهم او أنهم مجموعة من الأشباح تستخدم السحر والجن دون ان يكون لهم اثر يدل على هوياتهم وتجاوزاتهم، وما يدعو للأسف ان النواب والإعلام خلقوا صورة عامة للرأي العام وكأن الشعب الكويتي مجموعة من اللصوص والفاسدين لا يوجد بينهم شريف، ومما ساعد في ذلك انه لا يوجد احد من النواب او الكتاب قد أشاد يوما بأحد الموظفين الشرفاء من أهل النزاهة والكفاءة وما أكثرهم في الكويت، فمن الظلم ان تقام الندوات لذكر مساوئ الفاسدين ولا تقام الندوات ولا تكتب المقالات من اجل الإشادة بالمبدعين من أبناء الكويت وما أكثرهم عددا في القطاعين العام والخاص. ولكن ما يدعو للأسف ان الموظف المبدع والمسؤول الكفؤ لا يحظى بالتقدير المعنوي من الرأي العام ولا تسلط عليه الأضواء بالقدر الذي تسلط على غيره من الفاسدين، فيا ليتنا كما نقوم بالتشهير بالفاسدين نقوم أيضا بالاشادة بالرائعين والمبدعين فهم أولى بالإشادة والتقدير والتوقير ولكن يبدو ان شهيتنا للنقد أكثر حماسا من شهيتنا للاستحسان فعيوننا أصبحت كعيون الذبابة لا ترى الا ما هو قبيح فلماذا لا تكون كعيون النحلة لا ترى إلا ما هو جميل؟! فالجمال لدينا أكثر من القبح ولكن الحديث عن الفساد والمفسدين طال واتسعت دائرته لتشمل الجميع وكأنما أصبحنا كقوم «عاد وثمود» لا يوجد بيننا أقوام صالحون علما بأن الواقع بخلاف ذلك تماما فالشعب الكويتي في غالبيته العظمى أهل خلق ودين، والصالحون والخيرون فيه هم السواد الأعظم من الشعب فهم الغالبية في كل وزارة ومؤسسة وليس صحيحا هذا التشاؤم المبالغ فيه الذي يسيء إلى الكويت دولة وشعبا، وما الفاسدون إلا قله قليلة لا تمثل نسبة تذكر وحالنا أفضل من حال بلدان العالم فالفساد موجود منذ خلق البشرية وسيستمر إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها فالله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) وكما أسلفت في بداية المقال مشكلتنا اننا لا نتذكر أصحاب النزاهة والكفاءة بالقدر الذي نتذكر به أصحاب الفساد فلو اننا ركزنا على منجزات المبدعين وذكرنا محاسن المجتهدين لشعر الناس بالارتياح والفخر والاطمئنان بأن هناك الكثير من أبناء بلدهم يملكون من القيم والمبادئ ما يجعلنا نتباهى بهم، فالكويتيون شعب عظيم وودود ولن تؤثر في سمعتهم قلة قليلة من الفاسدين ولكن أكرر ندائي للجميع بأن اذكروا محاسن المخلصين مثلما تذكرون مساوئ الفاسدين.
[email protected]