المشاركة والمقاطعة في الانتخابات تصويتا وترشيحا أمر اختياري للجميع فمن شاء فليشارك ومن شاء فليقاطع وكفى الله المواطنين شر المظاهرات والمناقشات التي تتطور في الغالب الى «هوشات» بين الخل وخليله والتي لا تخلو منها دواوين الكويت ومقاهيها الشعبية. فالحديث عن المقاطعة أشبه بالحديث عن مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، والحديث عن المشاركة كأنه المشاركة بتحرير فلسطين وباتت تلك الأحاديث هي المسيطرة على الأجواء الاجتماعية وأصبحت تدور حتى بين الأم ووليدها والاختلاف أمر مقبول ومنطقي، ولكن غير المنطقي وغير الاخلاقي هو اتهام من يشارك في الانتخابات بأنه غير وطني ونعته بغير ذلك من الأوصاف البذيئة وكأن الكويت قد خلت من الأشراف فلا شريف فيها سوى من قاطع الانتخابات من النواب السابقين، وهذا اختزال للوطنية وللنزاهة واحتكارها في أشخاص قلة دون غيرهم كمن يدعي القدسية والعصمة لنفسه دون سواه وكأن الله اصطفاه دون العالمين، انه الغرور الذي أعمى فرعون عن الحق فأهلكه الله ومن معه فكم هو مسكين هذا الوطن الكل «يتفرعن عليه» وقد قيل قديما «من فرعنك يا فرعون قال لم أجد من يردعني» ويبدو اننا في الكويت لا نعيش في زمن الدستور والقانون وما أكثر الذين أطبقوا آذانهم عن سماع صوت العقل يؤولون الرؤى ويتبعون الأوهام فلم يكتفوا بالمقاطعة بل أخذوا يحرضون على محاربة من سيشارك بالانتخابات ويصفونه بأبشع الأوصاف وهذا هو تفسيرهم للديموقراطية وحرية الاختيار، وهذا في القانون الجنائي يعتبر ممارسة الإكراه المعنوي على شخص بقصد التأثير في إرادته لمنعه من أداء عمل وهي جريمة يعاقب عليها القانون ويا ليت الذين يروجون للمقاطعة لجأوا الى الخيار الحضاري الذي رسمه القانون لإسقاط مرسوم الضرورة وذلك بالمشاركة في الانتخابات ومن ثم إلغاؤه بعد وصولهم الى مجلس الأمة فهم يدعون ان النجاح حليفهم فيما لو شاركوا في الانتخابات، والخيار الثاني بالطعن على المرسوم أمام المحكمة الدستورية من احد المرشحين لتوافر الصفة والمصلحة في الدعوى كونه احدا من المشاركين في الانتخابات وتلك هي الطريقة الدستورية والحضارية للاحتجاج وإلغاء القوانين، أما ما يحصل من مظاهرات احتجاجية بهدف إلغاء مرسوم الضرورة فهي مقبولة عندما تكون قبل صدور المرسوم كوسيلة للتأثير على صاحب القرار لإعادة النظر في قراره، أما بعد صدور المرسوم الذي جاء وفقا للصلاحيات الدستورية المخولة لصاحب السمو والتي يستمدها من نص المادة (71) من الدستور فإن المظاهرات بعد ذلك تكون منازعة لاختصاصات رئيس الدولة وعبثا لا طائل منه سوى الفوضى وإرباك الأمن لاسيما انه صدر مرسوم الدعوة للانتخابات وتم فتح باب الترشيح فكل عمل احتجاجي بعد ذلك يكون إساءة للممارسة الديموقراطية الراقية التي طالما ادعى المقاطعون قبل المشاركين ضرورة التمسك بها، ولكن يبدو ان المبادئ ليست على الدوام ثابتة مادامت الأمور في غير صالح البعض على العموم من سيشارك فقد أدى الأمانة الوطنية وأطاع رغبة ولي الأمر الذي له حق علينا وله في رقابنا بيعة وما يضرك أخي المواطن حين تكون مساهما في رفعة وطنك ومطيعا لسمو أمير البلاد في أمر هو اقل ما تقدمه له وهو الذي طول عمره لم يطلب منا شيئا سوى أن نكون دائما بخير ألا يستحق منك المشاركة؟
[email protected]