الفيلسوفة الكبرى
قويت شوكتهم، وتنفسوا الصعداء، وأصبح لديهم حكومة، وربما سيصبح لديهم يوما ما – بعد ترتيب أمورهم – برلمان، أصبح لديهم صوت بعد أن عاشوا لعقود طويلة فاقدي ألسنتهم، فمن كان يجرؤ أن يخرج نفسا واحدا منهم زيادة دون إذن مخبولهم.
كانوا جميعا يملكون صوتا واحدا، وعينا واحدة، هي عين وصوت سيدهم حين قرروا ذات فجر الاستيلاء على بلادنا، ومحوها من خارطة الحياة، لم يكتفوا بما فعلوا بل راحوا يذرون الملح على جراحنا، هم لم يخضعوا بإرادتهم بل أخضعتهم الإرادة الدولية، التي غيرت وحطمت من كان يدعي أنه حامي البوابة الشرقية، في حين هو لم يكن سوى حرامي البوابة الشرقية إنهم الآن يطالبوننا بحل الملفات العالقة بين بلدنا وبلدهم في حين هم صموا آذانهم لعقود وعقود عن اصواتنا المسالمة التي كانت تطالب بالحلول لهذه الملفات، كانوا يستهزئون بمطالبنا، وكانوا يتجاهلون اصواتنا المنادية بالحل، كان لعابهم يسيل طمعا بخيرات بلادنا.
وحين أرادوا ابتلاعنا قرقرت بطونهم حميما ونارا فلفظونا بسرعة وراحوا يقبلون أحذية الأجنبي لينقذهم من جلادهم.
إنهم اليوم بمجلس وزرائهم يدعون لمفاوضات جادة وفق قواعد الاحترام المتبادل ومصالح البلدين لحسم المشاكل التي خلقتها سياسات النظام البائد من مصالح الشعبين.
احقا هي فقط سياسات نظام بائد أم هي سياسات شعب طامع وجد ضالته في تعليق أطماعه على شماعة حزب ورئيس ولى وأدبر متناسيا ان تحت جلد كل مواطن عراقي صدام حسين ينتظر الفرصة المناسبة لينقض علينا من جديد تحت جنح الظلام.
يريدون اسقاط الديون وترسيم الحدود، ما أجمل مطالبهم، يقتلوننا ويعيثون بأرضنا فسادا ويدمرون البنية التحتية لبلادنا، واقتصادنا ويحملوننا ثمن تحرير بلادنا من بين فكيهم ويقولون لنا ادفعوا ثمن الرصاص الذي قتلناكم به، والدمار الذي احطناكم به، وما أجمل مطالبهم، وما أسهلها.
طالبناهم بمعرفة مصير أسرانا ومفقودينا منذ سنوات فماطلونا، وراوغونا، وصاروا بين الفينة والأخرى يرسلون إلينا بجمجمة، عظام كتف، ساق مخلوعة، دون ان يوضحوا لنا أين هم أبناؤنا، اليوم يطالبوننا بثمن رصاصاتهم التي مزقت اجساد الابرياء.
نعلم أن رياح السياسة تتغير، وأننا لابد أن نكون علاقات جديدة مع جيراننا الشماليين متناسين مآساتنا معهم، وعلينا أن نطوي صفحة الماضي ونستقبلهم بترحاب وحب، وقبلات، وهذا ما نحاول فعله حقا لكن علينا أولا وقبل طي صفحة الماضي ان نصفي وننقي ملفات الماضي ونغلقها، فهم جبلوا على الخيانة والغدر، وهم الذين بدأوا الهجوم والعدوان، فآلتهم العسكرية التي صوبوها نحونا ذات فجر كانت بأموالنا، حيث اعتقدنا انهم سيحمون ظهورنا من غدر الزمان فكانوا هم الغدر والخديعة.
نعم نساعدهم وسنظل نساعدهم، فقوميتنا تفرض علينا ذلك، وسنسقط عنهم الديون، وننسى ما حدث، غير ان الوقت لذلك لم يحن بعد، مازلنا كشعب نشعر بشيء من عدم الارتياح لهم، مازلنا كشعب نرفض ان نعطيهم ثمن دمار بلادنا وأبنائه، فهم لم يرحمونا ولن يرحمونا إذا عاد الزمان وتوقف عند 2/8/1990.