الفيلسوفة الكبرى
هي ظاهرة ارتبطت بأيام وليالي شهر رمضان في الديرة، اصبحنا نتعثر بهم، يسدون علينا منافذ الهواء بالكاد نتنفس منهم لكثرتهم تشعر بأنهم اصبحوا ظلا لصيقا بك وقيدا مكبلا لخطواتك فلا تستطيع السير بشكل سليم، إلحاحهم يثير جنونك، واحيانا يفتت قلبك الحنون، يتفننون في صياغة عباراتهم المشحونة بالأسى والحزن، انهم المتسولون الذين اصبحوا ظاهرة واضحة ارتبطت بأيام وليالي شهر رمضان المبارك في بلادنا.
فالمرأة منهم تتشح بالسواد من رأسها حتى أخمصي قدميها وتسير في الاسواق والمجمعات كأنها زبونة، حتى اذا امنت واطمأنت مارست عملها فتسولت وأهل الكويت اجود ما يكونون في شهر رمضان، اخذت الحصيلة وتقاسمتها مع شركائها وهكذا حتى تمضي ايام وليالي هذا الشهر لتقلع الى بلادها سعيدة بما انجزته هذا الشهر، وربما يجدد لها كرت الزيارة فتعاود الكرة بعد شهر او اثنين، فهذه تجارة رابحة لا تبور بلا قيود ولا ضغوط فلا اقامة ولا تأمين صحي ولا ايجار ولا غيره، واللقمة من هذا وذاك وكلها ايام وتنتهي على خير، لا حسيب ولا رقيب.
هم اشبه بكرة النار التي تتدحرج الى كل ما هو حي فتلتهمه في طريقها غير عابئة بالخسائر التي ستكبدها لمن حولها، بالأمس القريب اطلت علينا ثورة البنغال والتي لم تكن وليدة اللحظة بل هي تراكم اخطاء تجار الاقامات، بدأت تطفو على السطح ففجرت تلك الثورة.
واليوم يعاني البلد من ظاهرة المتسولين الذين يتوافدون الى البلاد من كل حدب وصوب مستغلين ثغرة ما في قانون البلاد، وطيبة اهل الكويت يحاولون ان يحسنوا ظروفهم المعيشية في بلدانهم المعدمة على حساب سذاجتنا وقلوبنا الطيبة، والوجه الحضاري لبلد يحاول بشتى الطرق ان يرتقي بنفسه الى مصاف الدول المتقدمة حضاريا وفكريا وماديا.
هي اذهان شيطانية تتفتق كل يوم عن حيلة ولعبة لكي تقتات من جيوبنا برضانا وعلى حساب سمعة بلادنا.
وحين يعودون الى ديارهم نراهم يلعنون ويسبون ويشوهون بلادا وشعبا اعطاهم بلا حدود.
فهل من حل لهؤلاء المتسولين؟ واين الجهات المعنية بهذه الظاهرة التي تتكرر كل عام في شهر رمضان المبارك؟ لماذا لا نقف لهم بالمرصاد ونضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه تشويه سمعة وأمن هذه البلاد؟
لماذا لا تكون هنالك حملات توعية للمواطنين والمقيمين تعرف بهؤلاء المتسولين وتكشفهم؟ لماذا لا تكون هنالك رسائل مرئية ومقروءة تخلق الوعي لدى المجتمع وتحذر من خطرهم؟
الى متى نسرق برضانا؟ ولماذا نقف مكتوفي الايدي امام كرة النار التي تلتهم في طريقها كل شيء؟
هل ننتظر ثورة الشحاذين حتى نسن القوانين والحلول، ام نقتلعهم من جذورهم قبل فوات الأوان؟