بقلم: حمود ناصر العتيبي
حدثتها بعد أن جرعتني الأوجاع، وركلتها حينما أمتُّ مطامعي فأرحت نفسي والنفس ما طمعت تهون، كم أنت متعبة، متعسة، رغم براعتك في تحريك النفوس، وقوتك في الاحاطة وكأنني رغم حقارة حجمك أتيه في ضبابك المترامي، لا أرى سوى أفقا لا وضوح فيه، فلا أشعر بأقدامي، أتوقع السقوط في أي حفرة تعترضني، أتمالك نفسي وأتلمس طريقي، وأتذكر بأن تلك المعاصي لا تتمكن ممن استعصم بحبل من الله، وتمسك بطريقه وعلم أنه لا وقت يضيعه خلف لذائذ مهلكة وضباب سادر، أخاطبها بكل ثقة، أيتها المعاصي: كم من عزيز ذل بقربك، وكريم هان لتقديمك، وكم من شيمة هدرت، وقيمة كسرت، وكم من أسرة أضعت، وفكرة بددت، أرى أوحالك قد أبطأت سير المسلمين، ودنست طهارة الصادقين، لعبتي على وتر الفضول البشري، وقدمتي مفتاح التذوق واتقنت لحن الرغبات، لضعف نفوسنا التي تتوق!
أطفأت جذوة العزم، وأنهيت أطنانا من الحزم، وتسللت خلسة، كم مرة أشاهد في طياتك التبرير، حتى أخذت من المغرر كل تقرير، صغيرة كنت أم كبيرة، فشباككي مترابطة يجر بعضها بعضا، إلا أن ذلك الخطاء، قد ظفر بالخيرية فجدد الاستغفار وأشعل الإصرار، واستعاذ بالله من النار، وأسف لنفسه أن يتيه في جنباتك الواهية، وأن يتداول حبالك البالية، ليخرج من سورك الواسع، ليكتشف بأنك بقعة متناهية الصغر، لا قيمة لك إلا السواد الذي اتضح لبياض ما حوله، قفز لرحابة الإيمان، ليعتنق نسيم الاطمئنان بعبقه المريح، وبمد البصر الواضح الفسيح، هنا أسير، وقد لدغت من الجحر مرة لأعي أنها هناك، بلا قيمة ولا حراك، لأسير نحو الهدف وقد كنت أسيرا، فحطمت القيود. هذا حديث المؤمن لتلك المعاصي دقها وجلها، حامدا ربه على نعمة الثبات رغم دخوله في غيمة علم بأنها لن تؤثر فيه متجاوزا تشويشها، يقينا وفضلا.
humod2020@
[email protected]