نوال الدرويش
لا يمكن لأحد أن ينكر أهمية تعاون القطاعين الحكومي والخاص في صنع التنمية وإنجاز المشاريع المهمة التي من شأنها تحقيق آمال وطموحات المواطنين ونقل الكويت إلى مراتب الدول المتطورة.
لكن الواضح للعيان، والذي لا نجد له تبريرا مقنعا سوى أن هناك خللا في القوانين، هو أن الإنجاز في القطاع الخاص يفوق نظيره في الحكومي بمراحل كثيرة، وعندما نحاول تفصيل الظاهرة نجد أن الموظف في القطاع الخاص يقضي معظم ساعات دوامه في العمل والإنجاز، وهو دائما يحرص على الإبداع والتطوير وفي المقابل يحصل على المكافآت والامتيازات فضلا عن أن راتبه ما شاء الله غير.
أما القطاع الحكومي فقد أصابه الترهل، حيث نجد الموظفين يبدأون بالريوق والشاي وتبادل الأحاديث عن فترة المساء في اليوم السابق وماذا فعل كل منهم، لأن الموظف يضمن راتبه آخر الشهر بلا تعب او مجهود، وهو يرى في نفسه أنه لن يكافأ إذا ما زاد من مجهوده عن زملائه، لكن ربما يجتهد فيخطئ فيعود ذلك عليه بالسوء.
وفي هذه النظرية التي يسير عليها موظفو القطاع الحكومي هدر كبير للمال العام لان الطامة تكون أكبر فيمن يتعاملون مع الجمهور مباشرة، لان هؤلاء الموظفين لا يهدرون وقتهم فقط ولا يعود عليهم كسلهم بقدر ما يعود على المراجعين الذين يقفون بالدور ويحتاجون لطلب الاستئذان أكثر من مرة من أعمالهم لقضاء معاملة واحدة، وإذا حاولنا حساب الهدر في الوقت والمال والإنجاز من العائد على الدولة فسنجده يصل إلى الملايين المهدرة.
لا شك أن أصابع الاتهام في هذه الظاهرة تطال جميع المسؤولين في الدولة، ويمكننا تقدير مدى ذلك عندما نذهب لجهة حكومية خدماتية ونلاحظ الأسى على وجوه المراجعين بسبب طول الانتظار وكثرة المراجعات وسواد وجوههم امام مسؤوليهم لطلب الخروج لانجاز هذه المعاملة.
من المسؤول؟ هل هو القطاع الخاص الذي يقدر الجهود والكفاءات ونلاحظ ان الانجاز فيه اضعاف مضاعفة لما هو في القطاع الحكومي؟ أم هي الحكومة التي تدلل موظفيها وتضمن لهم الرواتب ولو حتى من دون عمل؟ أم هي «التربية» التي لم تنم في نفوس النشء تقدير مدى أهمية الوقت وأن هناك في داخل كل منا ضميرا يجب أن يحاسب صاحبه؟ أم انها وزارة الأوقاف التي عليها ان تربط كل هذا في دروس وخطب تحث الناس على الرجوع إلى مفاهيم الدين الصحيحة والتحلي بأخلاق الإسلام في إنجاز أعمالهم وتقدير وقت مراجعيهم.
ولا شك في أن المحسوبيات والوساطات التي تتدخل في الترقيات وتوظيف الرجل غير المناسب والرواتب المتدنية في القطاع الحكومي كلها مسؤولة عن هذا الهدر في الوقت والمال، لكننا في النهاية نناشد الحكومة بحث هذه الظاهرة بعناية والعمل على معالجتها إذا ما كانت حقا تريد الانجاز والتطوير، وإلا كيف يتحقق للكويت أن تكون مركزا ماليا وعالميا؟
في مقال سابق بعنوان «الحل يا وزارة الداخلية» كتبنا عن «ظاهرة المرور» وعددنا أسباب تفاقم هذه الظاهرة كما قدمنا بعض المقترحات لحلها، وقد وردنا رد من وزارة الداخلية يوكد صحة ما ذهبنا إليه من مقترحات، لكن لابد من تطويع القوانين وتعديلها لكي نحل مشاكلنا ولا يجب ان نقف مكتوفي الأيدي امام عائق القوانين، لأن تلك القوانين هي في النهاية من صنع أيدينا، وفيما يلي رد الداخلية:
بالإشارة الى مــا تناولته الاستاذة نــوال الدرويش فــي صحيفتكم بالعدد رقـــم (11695) الصادر بتاريخ 20/10/2008 في زاويتها «رأي» تحت عنوان (الحل يا وزارة الداخلية).
تود إدارة الاعلام الامني بوزارة الداخلية افادتكم بان قطاع شؤون المرور يتوجه بالتحية والشكر للكاتبة على اهتمامها بما يحقق الصالح العام، ويوضح ما يلي:
أولا: قطاع المرور يتفق مع الكاتبة فيما يتعلق بتغيير دوام طلبة الجامعة والتطبيقي من الساعة 8 الى الساعة 9 وهو اقتراح سبق ان طرحه قطاع شؤون المرور واقره المجلس الأعلى للمرور الا انه لم ينفذ حتى الآن بسبب عدم موافقة الجامعة.
ثانيا: القانون يحظر الاستفادة من ريع المخالفات المرورية مباشرة حيث انه يتم تحصيلها تحت بند ايرادات عامة.
ثالثا: هناك سياسة حازمة ينتهجها القطاع تجاه أي تقاعس من جانب رجال المرور، ومن جانب آخر يتم عقد الدورات التدريبية والعلمية لهم للوصول الى أفضل خدمة مرورية ممكنة.
لذا يرجى نشر الرد للتوضيح.
ونحن بدورنا نشكر «الداخلية» على اهتمامها بما نكتب، لكننا نأمل تكثيف العمل وتطويع القوانين لحل المشكلة المرورية قبل أن تستفحل أكثر من ذلك.