نعيش في بعض الأحيان قيدا كبيرا نحن من أوثقه، واستمتع به، فكم ركضنا في منطقته الواسعة المريحة، وتغنينا بمزاياه الفسيحة، وتبجحنا بالدفاع عنه والركون إليه متغافلين عامل الوقت والزمن هي القيود الناعمة ذات الصور الخلابة والجذابة، تسحرك بجمالها، وتغريك بازدحام الناس عليها، حتى تجد من يعيش بها ولها، ويعطيها من روحه وقلبه وذهنه، وينام تحت ظلاله الوارفة ويتناسى أنه في وديانها الخطرة. وعلى موعد مع سيولها الجارفة.
فإذا خطرت في بالنا خاطرة من خواطر العظماء، وساقت لنا الأقدار تذكر سير الأعلام والكبار النجباء، وتقابلنا مع ذواتنا لتطويرها وتغييرها، انتفضنا وحطمنا كل القيود الصغيرة لنجد انتعاشا ونشاطا يملأ النفس رضا وارتياحا.. لا يدوم.
كالوقود الذي سرعان ما ينفد نتساءل.. مالذي يجري؟ وما قصة العزمات الخائرة؟ ومتى نستطيع النهوض وقد بدأنا؟
فيجيب الواقع الحقيقي من داخلنا.. لأننا لم نحلل القيد الأكبر.. والوهم الأخطر.
الذي وضعناه بأنفسنا.. وتجاهلناه.. لحبنا إياه حتى اننا نقول: هل هي قيود؟
قد يلوي الرجل ذراعه لأنه لا يقبل من أي مخلوق لي ذراعه ويصاب بالزهو الكاذب كمن يقول: لا أحب أن يخدعني أحد إلا بمزاجي ورضاي.
مصارحة الذات ومخالفة الهوى.
أول وأقوى دوافع الانطلاق.
معرفة الخلل والقيد الأكبر وإن كان محببا هو بمنزلة التشخيص الدقيق، والفهم العميق للذات، وتجرع ترياق الصبر والمثابرة لتثمر نجاحا وفلاحا، هو المعول الكاسر لكل عجز آسر، فاقرأ ذاتك جيدا وتجلد، واعلم أن أشد القيود فتكا وتبديدا للعمر هي قيود الياسمين التي لا نشعر بها ونركن لها ونرتاح بها، فتنبهوا.
@humod2020