اعطيني «مسكن» اعطيني... على وزن «زيديني عشقاً زيديني» للراحل نزار قباني (بتصرف)...
هذا هو لسان حال من يجلس بجواري ينتظر الحصول على منزل... أو حتى قطعة ارض (غير مبالغ في ثمنها) حتى يستطيع تجميع «شتات» ما ادخره من نقود لبناء «عش» العمر.
لم نكن نجلس في وزارة الإسكان ننتظر الدور خلف ما يزيد عن 109 آلاف طلب إسكاني... ولكننا كنا نجلس في أروقة إحدى وزارات الدولة ننتظر وصول المسؤول حتى يقوم بوضع علامة (صح) باللون الأخضر ليعلن بعدها بدء ماراثون الأولمبياد السنوي للجري (من مكتب إلى مكتب) لإنجاز المعاملة البسيطة!
والمفارقة أنني لم أفتح أي موضوع مع من كان يجلس بجواري... كان مجرد إحساس راودني بعد إنهائه لمكالمته مع زوجته يطلب فيها أن تقوم بسحب مبلغ من المال حتى يتسنى له دفع إيجار الشقة! أنهى المكالمة وقال «الحمد لله على كل حال».
كانت هذه الجملة كفيلة بأن أقوم بتخيل ما دار بيننا من حوار (أو على أقل تقدير ما كان سيدور بيننا من حوار)... اصطفت الأسئلة في ذهني بطابور طويل لا أرى آخره، وكأنها تنتظر «مسكنا» يؤوي رغبتها في الحصول على إجابة...
لن يستطيع هذا الشخص شراء بيت... وبالتأكيد لن يستطيع بناء بيت ما لم يكن يملك الأرض... سيعيش بالإيجار حتى يكبر أبناؤه الذين سيعيشون بالإيجار... وستزداد طلبات الإسكان بازدياد تعداد السكان... وستزداد التساؤلات بحجم الفوائض المالية!
«على طاري الفوائض المالية»... كان الفائض بميزانية 2012 يفوق الـ 10 مليارات دينار كويتي... هذا المبلغ كفيل بحل الأزمة الإسكانية برمتها وتوفير قسائم سكنية بخدماتها ليسهل من مهمة هذا الشخص الجالس بجواري... فيستطيع بناء بيت يغنيه من دفع الإيجار لمسكن يفترض ان يكون «مؤقتا» ولكن الظروف جعلته «دائما»... ذلك المبلغ كفيل بتوفير مناطق جديدة وأراض ليست بأسعار فلكية (وبمتناول القلة من الشعب)... ذلك المبلغ كفيل بنشر رسالة للجميع بأن المواطن باستطاعته العيش معززا مكرما على ارضه!
اختلطت الحلول وانطفأت حرائق بعض التساؤلات وإذا بصوت حاد من الجالية الآسيوية ينادي باسم من كان يجلس بجواري ليدخل على المسؤول حتى يستطيع بدء «الماراثون» المستندي لإنجاز معاملته!...
قد تكون هذه القصة القصيرة من وحي الخيال لأننا لم نتحدث... ولكن يبقى اليقين الواضح كوضوح الشمس أن تفاصيل القصة تمس 109 آلاف شخص يبحثون عن مسؤول يضع علامة (صح) خضراء على وثيقة ملكهم لمنزل «الحلم».
e-mail: [email protected] - twitter: @al_mefleh