Note: English translation is not 100% accurate
الوسطية.. منهج للحياة
الاثنين
2006/12/25
المصدر : الانباء
عدد المشاهدات 1498
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : يوسف الراشد
يوسف الراشد
في هذه الايام المباركة تبرز انشطة وزارة الاوقاف المعززة للوعي الديني والايماني في المجتمع، والساعية الى استقطاب الشباب الكويتي نحو الفهم الناصع للاسلام، بعيدا عن الافراط في التشدد، او التفريط باتجاه الاستسهال في امور الدين، وهما نقيضان متطرفان على الحافة الحرجة على كلا «الجانبين» بينما تظهر حكمة التوازن عند نقطة الوسط التي تضمن للمرء حياة سليمة مستقرة، تمزج بين مقتضيات الواقع المعيش وضرورات العقيدة التي تعد الانسان لما هو ابقى واكثر خلودا.
وفي اطار هذه الانشطة الخيرة يجيء المشروع الذي بادرت اليه وزارة الاوقاف تحت عنوان «دعم الوسطية» والذي يدعو الى ترسيخ معاني هذه القيمة الدينية والاخلاقية والاجتماعية والنفسية في المجتمع الكويتي، وسائر المجتمعات الاسلامية، وحشد الطاقات المجتمعية من اجل دفع رياح الوسطية في ارجاء المجتمع وآفاقه، التماسا لآثارها الطيبة على الفرد والمجتمع في وقت واحد.
ولاشك في ان هذه المبادرة الطيبة التي كانت موضوعا لندوة عقدت في جمعية الصحافيين منذ ايام، تمثل ـ من بين ما تمثل ـ ردا عمليا على من يريدون ان يثيروا ضد العقيدة الاسلامية غبار الاتهامات من كل حدب وصوب، متذرعين بأفعال قلة قليلة من المسلمين تجاوزت حدود دينها، قبل ان تخترق حدود الآخرين، وكأن البعض وجدوا في هذه القلة وافعالها ذريعة لتلطيخ الثوب الاسلامي الناصع البياض.
ولأن «الوسطية» منهج اسلامي وطريقة حياة يصلح بها الفرد وتستقيم بها الجماعة، ويستقر من خلالها الوطن، فان المجتمع بكل مؤسساته الرسمية والاهلية مدعو الى الاسهام في الجهود المبذولة لتمكين الوسطية من عقول وقلوب افراد المجتمع.
فلابد من تفعيل الدعوة النبيلة الى الوسطية بين الطلبة في المدارس والجامعات حيث هؤلاء النشء هم قادة المجتمع في مستقبله، وهم الذين سيناط بهم توجيه الوطن الوجهة الصحيحة وسط ما يواجهه من تحديات وازمات في عالم يموج بالتوتر والاضطراب والخصومة.
وليس الاعلام الديني ـ فحسب ـ مسؤولا عن اشاعة اجواء الوسطية والاعتدال في اوساط الجمهور، بل ان هذه المسؤولية الجسيمة يجب ان يضطلع بها الاعلام بكل فروعه وانواعه، مقروءا ومسموعا ومرئيا، فكريا واخباريا وتحليليا، بل اني لا ابالغ حين اقول ان الاعلام الرياضي مسؤول ايضا، ويجب ان يعمل في اتجاه نشر روح الوسطية، بين جموع الشباب، خصوصا ان كثيرا منهم يقرأون الصفحات الرياضية ويتابعون برامج الرياضة، ومن هنا يتعين على زملائنا من الاعلاميين الرياضيين ان يستثمروا هذا التأثير الجلي في دعوة الشباب الى التدرب على مناصرة الفريق الذي يحبون مع الاحترام الواجب والتقدير اللازم للخصوم، وتقبل ان تصوب الكرة في مرمانا حينا، مثلما نفرح بتصويبها في مرمى «الآخر» احيانا.
فالمساجد التي ظلت طوال التاريخ الاسلامي مصدر اشعاع ثقافي، يمكنها الآن ان تشيع في محيطها منهجا عصريا يأخذ بصحيح الايمان والوعي العقلاني بالدين، ممزوجا مع ما تصالحت عليه البشرية من وجوب النظر الى الآخر ليس باعتباره خصما، بل بوصفه شريكا في الحياة، وتجنب النظر الى المخالفين وكأنهم اعداء محتملون، بل اصدقاء يمكننا ان نقيم معهم عقدا «واجب النفاذ» للتآخي في سبيل مواجهة التحديات الجسيمة التي يمكن ان تواجه الانسانية جمعاء من امراض فتاكة واحداث طبيعية، وكوارث بيئية محتملة، كما للتعاون من اجل بناء عالم اقل حروبا، واكثر تطورا لمصلحة البشر، واكثر اقترابا من القيم المشتركة لابناء آدم، على اختلاف ألوانهم واشكالهم.
ربما تدفعنا طبيعتنا البشرية (الانانية احيانا) الى الاغترار بالذات على حساب الآخر، او يغرينا احساسنا بيقين الصواب بالنظر الى «الغير» نظرة علوية، وقد يقودنا تشبثنا بأفكارنا الى استهجان مخالفينا في الرأي.
لكن المهم ان نتوقف لنراجع انفسنا، ونعيد صياغة مواقفنا مع شركائنا في الواقع والحياة، واذا كان الحوار مع الآخر بروح الاخوة الصادقة امرا صعبا، فان الاكثر صعوبة هو ان نحاور انفسنا حيث لا يفصل بيننا وبين المرآة اي حاجز، وحيث يتطلب، هذا الحوار، اكبر قدر من الشجاعة لمواجهة حقيقتنا في صورتها المتجردة، ومن ثم نكون اقدر على التصالح مع الآخر.
ولعل هذا هو قمة الوسطية كفلسفة ومنهج وعقيدة، وهو ذروة الانسانية، وهو بجانب ذلك، وقبله وبعده، قيمة نبيلة، تكاد تكون هي «الجهاد الاكبر»!
اقرأ أيضاً