شعر بأن عمره يدنو من النهاية، وما كان عليه إلا أن يقرر كتابة روايته الأخيرة بشكل مميز يبهر قراءه.. وفي خلوة مع الذات أخذ يبحث في عقله عن الحكاية التي سترضيه وتحقق ما لم يحققه في سنوات حياته.. وخلال دقائق وجد القصة.. وكأنها فيلم سينمائي يتحرك أمام عينيه.. والأبطال يتقافزون من رأسه كأنهم حقيقة بأشكالهم وهيئاتهم وكل واحد منهم يحمل هويته وأشياء كثيرة تخص سيرته الذاتية.. فامتلأت الطاولة وضج المكان بهم.. استغرب المنظر.. غير مصدق ذلك.. لكن في هذه المواقف لا بد أن يتصرف الأديب بشكل يشبه لعبة الساحر.. لذا قام بجمع جميع أبطاله الذين منهم أشخاص حقيقيون ومنهم وهميون.. وجعلهم في مواجهة بعضهم بعضا على تلك الطاولة، ثم رمى عليهم الأوراق، وقسم بينهم الأدوار والمشاهد المختلفة، كل حسب ما يراه مناسبا له ولوضعه الخاص.
الغريب أن بعض أبطاله الحقيقيين رفضوا أن يتموا المشاهد كما يريدها هو، فتورط مع الإبطال الوهميين وكيف يصل معهم إلى النهاية التي يرغب فيها..؟!
حاول إقناعهم جميعا.. لدرجة انه اشتد بينهم النقاش.. وعلا صوته على أصواتهم.. ثم قام البعض منهم بتصرفات غير أخلاقية لإفشال مشاهد الرواية، فازداد الوضع سوءا واستمرت حدة المواجهة.. حتى قذف جميعهم الأوراق في وجهه وأعلنوا الانسحاب.
هنا.. شعر بالغضب الشديد لأنه لم يستطع إيقاف تمردهم ووقاحتهم التي فاقت تصوره.. ومن دون شعور..سحب المسدس من جيبه، وصوب على رؤوسهم طلقات تطايرت على أثرها أدمغتهم.
بعد ساعة عدل من جلسته.
ثم أخذ يلف أعواد الذرة بأوراق المسودة.
[email protected]