أخطر سؤال يطرحه الإنسان على نفسه.. حينما لا يدري أين موقعه بين الآخرين..« أين مكاني منهم؟ أو ما قيمتي عندهم؟ أو ماذا أمثل لهم؟».
فالإنسان بطبعه اجتماعي.. خلق ليكون متفاعلا ومتعاونا مع من حوله، ومن يعيش في عزلة عن الناس فهو لا شك يعاني من مشكلة نفسية أو اجتماعية، لذا من سعادة الفرد الاتصال والتواصل والشعور بالقبول والتقدير خاصة من أقرب الأشخاص لديه.
وعندما يجد أنه بقدر عطائه لا يتم تقديره أو شكره، أو أن حضوره مثل غيابه لا يترك أثرا في نفوس من حوله، أو أن وجوده غير مرغوب فيه وقد يتجنبه الآخرون، وحتى لو عرف أنه يحمل من المساوئ ما يجعل البعض ينفر منه، فإنه في نفس الوقت يبحث عن الاحتضان والاهتمام من جانب آخر، لأنه كبشر يريد أن يعيش إنسانيته. وأذكر هنا المثل الأجنبي الذي يقول: «أحببني في الوقت الذي احتاج إلى ذلك».
أي.. في الوقت الذي يتركني فيه الناس ويكرهونني لسبب ما، أحتاج لحب أشعر معه بالأمان، وهذا ما ينطبق في الغالب على أغلب السجناء المنبوذين والذين يتحولون من شدة طاقة الكراهية لهم إلى مجرمين عتاة ناقمين على المجتمع.
وهنا أعود إلى النقطة التي بدأنا بها.. وهي السؤال ذو الشرارة الخطرة: أين مكاني بين الناس؟
فعلى من يردد هذا السؤال بينه وبين نفسه، أن يحاور ذاته ويبحث عن الجوانب السلبية والإيجابية في أفعاله وتصرفاته وحتى في حديثه مع الناس، ليقيم نفسه وما لديه من أفكار قد تؤثر على شخصيته، وأين يعزز جانب الثقة في ذاته ويقدر الأمور الطيبة والجيدة التي يقوم بها حتى لو كانت بسيطة، كما انه لا بد من أن يطور من هوايته، فالهواية.. عنوان وهوية.. فكلما طورتها وأبدعت فيها، كلما اقتربت من تقديرك لذاتك وقربتك ممن يهتمون بنفس اهتمامك، وشعرت بالسعادة ومعنى وجودك ومكانتك.. ومكانك الذي كنت تبحث عنه بين الناس!
فأجمل شيء يعمله الإنسان هو ما يقدمه لنفسه وللآخرين من دافع الحب والخير والقرب من رب العالمين.
[email protected]