«السكن فكر».. هكذا صرح وزير الإسكان السعودي ماجد الحقيل في أكتوبر الماضي في أحد المؤتمرات.. حيث تتضمن هاتان الكلمتان رسالة للشعب السعودي أنه يجب عليهم تغيير نمط التفكير والثقافة الداخلية للمواطن والقناعة بالقليل، لكي يستطيعوا التعايش مع واقع أزمة السكن الموجودة كما يقولون، وعدم الاتكال بشكل تام على الدولة، وبالأخص مشاريع وزارة الإسكان.
فعلى سبيل المثال يشتري المواطن شقة بسعر بسيط والسكن فيها أو استثمارها لفترة وإعادة بيعها مرة أخرى وهكذا الى أن يصل إلى مبتغاه.
ولكن هذا التصريح لاقى استنكارا وهجوما وانزعاجا من بعض الكتاب والمغردين السعوديين بسبب هذه الجملة التي سعى بها الوزير لخلق روح من الاعتماد على النفس...
وأن يقوم المواطن بشق طريق سكنه كما قام به الكثير ممن لديه العلم والقناعة.
أنا شخصيا أعجبت أو أوافق حضرة وزير الإسكان السعودي في جملته.
وأيضا في نفس الوقت لا أعارض من يطالبون بتوفيرالسكن للمواطن والعيش الكريم، ولكن ربما يكون الوزير قد أخطأ في طريقة توصيل الرسالة.
يأتي استشهادي بمقولة الوزير السعودي لكي أوضح ما يحصل أيضا في الدول الشقيقة وقد يكون مشابها الى ما يحصل في الكويت...
وأيضا التجارب والخبرات الخارجية تفيدنا أحيانا مع العلم بأن لكل دولة نمطها الخاص بها.
من خلال مجالي العقاري في الكويت وتعاملي مع الباحثين في بلدي، وجدت أن من لديه ثقافة فكرية عالية ومرونة في التعامل مع الواقع، استطاع أن يحصل على عقار بكل أريحية وسهولة، وأما من بقي متذمرا شاكيا ينظر إلى العقار كما يقول المثل «من ثقب إبرة» بقي سنين دون الحصول عليه مع أشد التعب واليأس.
فلنتحدث بكل شفافية وصراحة، الكل اليوم مسؤول عن هذه الأزمة، فنرى أن المواطن يعيش في شقة أو دور أو منزل لسنين طويلة...
وحينما يحصل على بيت الحكومة أو أرض وقرض، يقوم بإعادة بيعها لأسباب قد تكون شخصية أو ثقافة مجتمعية (كأن يكون العقار بعيدا عن مكان نشأته أو أن موقعه غير مناسب).
والسيناريو الآخر هو أن يقوم بتحويل هذا العقار الى مشروع استثماري، وذلك من خلال تأجيره على المواطنين مرة أخرى كسكن أو على لجان أو حضانات كما هو منتشر الآن.
من ناحية أخرى نجد أن من اعتمد على نفسه وحصل على مبلغ من المال سواء من تجارة أو ورث أو من أي مصدر آخر، غالبا يريد أن يحصل على أفضل عقار بأقل وقت، مثال شخص لديه 300 ألف دينار يظل يشكو سنين ويتذمر من غلاء الأسعار وأن العقار في المنطقة الفلانية سعره مرتفع جدا وأن المبلغ المتوافر لديه «ما يوكل عيش»، فهو يريد أن يحصل على عقار في العاصمة ويقع على شارعين أو ثلاثة شوارع ويقوم ببناء 3 أدوار وسرداب ومسبح...! وغفل أن مبلغ الـ «300 ألف» نعمة من الله وفيه البركة هو كما يقولون يوكل عيش وزيادة إذا غير من أفكاره فقط.
إن هذه السلوكيات والتصرفات تدل على وجود مشكلة جذرية أو مشاكل جذرية إن صح القول يجب معالجتها.
وأعتقد أنها تقع على عاتق الدولة بالمرتبة الأولى، حيث يجب عليها العمل على «إعادة جدولة» للنظام العقاري في الكويت، ثم انه يجب على الباحث عن عقار أن يكون قنوعا...
فالتدرج مطلوب والقناعة بالقليل لكي تحصل على الكثير.
instgram&twitter
alahmadrealest@