سؤال حيّر الكثير من خبراء الاقتصاد ومُلاك العقار، وأيضا من يتابع هذا السوق الشيق والمعقد نوعا ما.
وهو لماذا لا ينهار العقار؟! وإن حصل ذلك أو انخفض سعره بشكل ملحوظ، نجده تلقائيا يعاود الصعود بأسعار تفوق الأرقام التي وقف عندها.
في الحقيقة أنا شخصيا كأي شخص مهتم بمجال العقار… تراودني كثير من الأسئلة.
فأحيانا أجد لتلك الأسئلة إجابة، وتارة أخرى تكون الإجابة غامضة نوعاً ما.
ولا أخفي عليكم في بعض الأحيان لا يمكنني الكشف عن السؤال والجواب معاً.
ولكن أستطيع أن ألخص لكم تحليلي البسيط حول قوة هذه السلعة (العقار) وما السر فيها.
أولا: السكن حاجة أساسية:
قال تعالى: {وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين}. [الشعراء- 149]، وقوله تعالى: {وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين} [الحجر- 82].
استشهد القرآن العظيم، بأهمية السكن لبني البشر، حيث كانوا يتخذون من الجبال بيوتا، فتحميهم من الأخطار الخارجية، وتوفر لهم مأمن العيش بداخلها.
وهذا دليل قطعي بأن المسكن من أهم متطلبات الحياة الأساسية، وخصوصا في حياتنا العصرية اليوم.
فمن لا يملك عقارا يأوي إليه يُسمى (مشرداً). لذلك يدفع الناس الغالي والنفيس للحصول على تلك السلعة.
ثانيا: محدودية المساحات المتاحة:
تقوم الدول الاقتصادية بتخصيص مساحات محدودة من أراضيه، لإقامة وبناء المدن الحديثة، المدعمة بالخدمات، وبكمية كيلومترات مدروسة، للمحافظة على الاتزان السعري لتلك العقارات لمصلحة اقتصاد الدولة أو منفعة ما.
فعلى سبيل المثال يوجد 25 ألف عقار سكني، والطلب على تلك العقارات يتجاوز الـ 300 ألف عائلة، سواء طلب شراء أو تأجير.
فمن الطبيعي لهذه المعادلة أن تؤدي إلى ثبات ورفع سعر تلك العقارات خلال مدة زمنية معينة.
ثالثا: العقار مصدر آمن للجهات التمويلية:
هذه النقطة مرتبطة جدا بعامل المحدودية.
فلو كان الطلب كبيرا، والمواطن مضطر للشراء، ولكن لا يملك فالثمن الباهظ لذلك العقا، فسيقوم البنك بتكملة مبلغ العقار المطلوب شراؤه عن طريق تمويل عقاري أو قرض عقاري، ويتم رهن ذلك العقار لصالح البنك، فلو حدث تعثــر بالســداد أو انخفاض في سعر أصل الرهن؛ فسيتم تلقائيا بيع ذلك العقار، وحصــول البنــك على قيمة الرهن، ممــا يمنــع حــدوث الخسائـر.
بعكس لو قام البنك بتمويل مشروع مطعم مثلا، فلو حصل وتعثر ذلك المشروع لن يستطيع البنك الحصول حتى على أصل الدين.
بالتالي يتحول العقار إلى أداة آمنة تستقطب أموال البنوك بشكل كبير جدا.
رابعا: كل شيط حولنا يعتبر عقارا:
يخطئ كثيرون باعتقادهم بأن العقار محصور في شقة أو منزل أو بناية.
ولكن الحقيقة هي أن (البنى التحتية، الشوارع، مراكز الخدمة الحكومية، المجمعات التجارية، المباني السكنية، المخازن، المدن الصناعية… إلخ) كلها تدخل تحت بند العقار.
ولتلك العقارات تعرفة سعرية تتضمن تكلفة إنشاء، وحساب عائد، وتدخل بالناتج القومي أيضا، فهي منظومة عقارية متكاملة مرتبطة ببعض يصعب تفكيكها.
خامسا: الكسب من قيمة الأصل وإيراد العقار:
حينما تشتري فيلا.. بناية.. مجمعاً… مستشفى طبياً… قسيمة حرفية.. إلخ،
سوف يكون الربح من شقين:
1 ـ ارتفاع قيمة الأصل، ويتمثل في صعود سعر الأرض المملوكة لك.
2 ـ العائد التأجيري وغالبا يتصاعد كل 5 سنوات.
في الختام كل هذه العوامل والمميزات تعطي ثقة لمالك العقار والجهة التمويلية،
وأيضا تنوع القطاعات ومصادر الدخل في السلعة العقارية يساعد في عدم انهياره.