عبدالوهاب الفهيد
مازال شبح انفلونزا الخنازير ينشر الهلع والفزع في قلوب الناس ويقلقهم، ويربكهم خاصة باكتشاف اصابة حالات جديدة في كل يوم يمر علينا.
ومازال هناك طلب عالمي على العقار المضاد لانفلونزا الخنازير، وفي المقابل تنفق الكثير من الدول اموالا طائلة للحصول على هذا العقار، رغم ان هذا العقار لم يثبت كفاءته ومدى فاعليته في مقاومة هذا المرض، ان لم يكن يحمل اعراضا جانبية مضرة بالمريض.
السؤال الذي نطرحه هو: كيف ظهر هذا المرض بصورة مفاجئة وانتشر بصورة أشبه بالوباء العالمي؟ وكيف عُثر على عقار مضاد للانفلونزا بهذه السرعة القياسية؟ خاصة ان مثل هذا الامر يخضع للأبحاث والتجارب اللازمة وانتظار النتائج الأولية ثم اعتماد النتائج النهائية لضمان كفاءة عالية لمثل هذا العقار قبل تعميمه كعقار مضاد للمرض، علما ان هذا العقار المضاد للمرض قيد التجربة وقد ذكر رئيس وحدة الڤيروسات الاكلينيكية في مستشفى مبارك د.داود النقيب في لقاء صحافي له: ان الشركات التي اعلنت عن توصلها لأمصال من هذا النوع لم تأخذ الوقت الكافي لإجراء الدراسات والاختبارات اللازمة عليها كما هو الحال المنتظرة، والحقيقة ان ظهور المرض وانتشاره مسببا الهلع والارتباك في المجتمعات بالعالم وراءه اهداف خفية ومصالح اقتصادية واستثمارية تضطلع بها الشركات العالمية لتصنيع الادوية وانتاج مثل هذه اللقاحات المضادة للأمراض.
وهذا الموضوع يأخذ بُعدا اقتصاديا لم ينتبه إليه الكثير من الناس، فقد حققت تلك الشركات الكثير من الارباح بعد ما أنتجت اللقاح ضد ڤيروس انفلونزا الطيور الذي ظهر فجأة في السابق واثار الفزع والهلع ثم اختفى بظهور تلك اللقاحات المضادة له بعد ان جنت الشركات المنتجة للقاح الكثير من الاموال، فقد ذكر تقرير اقتصادي ان احدى شركات تصنيع الادوية بلغت ارباحها عام 2006 نحو 9 مليارات فرنك سويسري بزيادة تعادل 17% عن ارباحها لعام 2005 جراء توسعها في انتاج الادوية المضادة لمرض انفلونزا الطيور السابق.
ويذكر التقرير ان تلك الشركة ارتفعت اسهمها بنسبة 3.8% من قيمة تعاملاتها المالية ببورصة زيوريخ للأوراق المالية، وفي ذات الاطار ارتفعت اسهم شركة ايضا في التعاملات المالية في لندن بنسبة 3% وتنتج الشركتان بعض الادوية المضادة لهذا الڤيروس، ووفق ما ذكره متخصصون في القضايا الوبائية والطبية ومحللون اقتصاديون ان هناك اهدافا غير معلنة من وراء الزخم الاعلامي العالمي في تناول تبعات وخطورة وباء انفلونزا الخنازير علما ان الشركات العالمية للادوية متعددة الجنسيات تشكل معظم انشطتها في المجالات البحثية والدراسات لتصنيع الادوية وتسويقها تحصل على ارباح بالغة تصل حصتها الى مئات المليارات من الدولارات.
فقد حققت تلك الشركات عام 2004 ما مقداره نحو 550 مليار دولار من السوق العالمي ويتوقع ان تصل الى 929 مليار دولار عام 2012.
ونستنتج من هذا الكلام ان تلك الشركات ماضية في تحقيق ارباحها الطائلة من جني عائدات بيع وتسويق اللقاحات او بعبارة اخرى: ماضية في نشر الاوبئة والادوية بمسار واحد لجني الثمار من الارباح المالية على حساب الجوانب الانسانية التي لم تعد لها قيمة في اروقة ارباب الاموال ومافيا الاسواق العالمية للمال.
وهذه حقيقة واقعية اعلن عنها بعض المسؤولين لتلك الشركات المتخصصة لانتاج وتصنيع الادوية وهو الرئيس التنفيذي لشركة ادوية شهيرة قبل ثلاثين عاما. وقد ذكر ذلك مؤلف كتاب «تسويق المرض» حيث قال ان سوق الادوية كان مقصورا على المرضى وان حلمي هو صناعة ادوية للأصحاء، عندها ستتمكن الشركة من البيع للجميع.