انتهى العرس الديموقراطي بالكويت، وبالرغم من كون حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جاء بطريقة مفاجئة وسريعة ودون سابق إنذار، فإن أحدا لم يتوقع من القريبين أو البعيدين عن الساحة السياسية سرعة هذا التوقيت وعلى الرغم من قوة المفاجأة فإنها لم تمنع الكثيرين من الدخول والمجازفة، لأن الوضع لا يتحمل البعد عن الساحة السياسية أكثر من ذلك وقد يفقد الكثيرون قواعدهم ومراكزهم الشعبوية، فكانت المشاركة قوية وجاءت بنتائج لم تكن في الخاطر أو الحسبان، أعطت الغلبة للتوجهات والشباب والمعارضة.
انقضى يوم 26 نوفمبر 2016، بنفس الحماس الذي بدأ به، وبدأت النتائج في الظهور لتسجل تغييرا كبيرا في الوجوه داخل مجلس الأمة، ليصعد ممثلو الكتل والقبائل والتوجهات والشباب، فتصل نسبة الإقبال على التصويت إلى 70%، في ظل مشاركة المعارضة التي قاطعت الانتخابات السابقة، فكانت السمة البارزة هي نسبة التغيير التي وصلت الى 60%.
وعليه يغتنم الائتلاف المدني الكويتي هذه المناسبة لتهنئة الفائزين بحصولهم على ثقة الناخب الكويتي وبالتالي شرف تمثيلهم البلد والمواطن رقابيا وتشريعيا، كما ننتهز هذه المناسبة كذلك لتهنئة الذين لم يحالفهم الحظ في الوصول إلى قبة عبدالله السالم، لمشاركتهم الفاعلة وطرحهم الوطني، وإن لم يكتب لهم الوصول اليوم فالاستحقاقات المقبلة قد تغير الكثير من الأمور والقناعات.
فالشعب الكويتي ذكي وطموح مر بتجارب كبيرة وظروف مختلفة تاريخيا وديموقراطيا نمت لديه الوعي السياسي الكبير، الذي أخذ يتذبذب بسبب اليأس الذي ترسب في النفوس، من خلال التصارع على المصالح والمقاعد القيادية وانتشار الفساد.. فظهر على السطح نواب الخدمات والمصالح الخاصة، إلا أن هذا الحل غير المتوقع والمفاجئ، أجرى ردود فعل نفسية كبيرة في الشارع انعكست بوضوح على نتائج الانتخابات، فسقط من كان متوقعا نجاحه وتألق من كان مستبعدا وصوله.
وفي هذا الصدد، ومن موقعنا كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، ندعو الحكومة والبرلمان الى تأكيد التعاون وترجمته على أرض الواقع وفق خطط واضحة أساسها المواطن وجوهرها المواطن وهدفها وطن قوي ومتقدم لا تؤثر فيه العثرات الاقتصادية أو الهزات المالية، تعاون يعكس طموح المواطن في الإنجاز تشريعيا وتنمويا، ويؤكد الثقة في مؤسسة الحكومة والبرلمان التي كانت محل اهتزاز لدى البعض.
فمن حجم المشاركة الكبير، وتعدد أطياف الناخبين والمرشحين، تظهر جليا رغبة الشعب في الإنجاز والتغيير، وهي الرغبة التي انصهرت مع توجهات صاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه في تأكيده على التنمية التي تستهدف المواطن وتجعله محور أعمالها وأهدافها.
ولأن خيوط التحالفات أصبحت تظهر جليا، فنحن لا نخفي تخوفاتنا من أن تتحول تلك التحالفات إلى حلبة لتصفية الحسابات ما بين مكونات أعضاء مجلس الأمة، أو لخدمة أجندات خارجية تسهم بكل تأكيد في تعطيل التنمية وتأزيم الأوضاع.
وإذا كانت هذه التظاهرة الديموقراطية قد نجحت الى حد كبير تنظيميا وشعبيا، فإنه لن يكتمل بهاؤها وتألقها سوى بتعاون السلطتين مع استقلالهما، للحفاظ على المكتسبات الديموقراطية وأسس الدولة المدنية وثقة الشعب الكويتي.